الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } * { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } * { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }

{ فَسَتُبْصِرُ } فسترى يا محمد { وَيُبْصِرُونَ } ويرون يعني الذين رموه بالجنون. { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } اختلف المفسرون في معنى الآية ووجهها، فقال قوم: معناه بأيّكم المجنون، وهو مصدر على وزن المفعول كما يقال: ما لفلان مجنون ومعقود ومعقول أي جلادة وعقد وعقل، قال الشاعر:
حتّى إذا لم يتركوا لعظامه   لحماً ولا لفؤاده معقولا
أي عقلا، وهذا معنى قول الضحاك: ورواية العوفي عن ابن عباس.

وقيل: الباء بمعنى في مجازه: فستبصر ويبصرون في أي الفريقين المجنون في فريقك يا محمد أو في فريقهم.

والمفتون: المجنون الذي فتنه الشيطان. وقيل: تأويله بأيّكم المفتون وهو الشيطان، وهذا معنى قول مجاهد.

وقال آخرون: معناه: أيّكم المفتون والباء زائدة لقوله تعالى:تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [المؤمنون: 20] ويَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } [الإنسان: 6] وهذا قول قتادة والأخفش [وأبي عبيد].

وقال الراجز:
نحن بنو جعدة أصحاب الفلج   نضرب بالسيف ونرجوا بالفرج
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ * فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } فيما دعوك عليه من دينهم الخبيث، نزلت في مشركي قريش حين دعوه إلى دين آبائه، { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } قال عطية والضحاك: لو تكفر فيكفرون.

وقال ابن عباس: برواية الوالبي لو ترخص فيرخصون، قال الكلبي: لو تلن لهم فيلينون، الحسن: لو تصانعهم دينك فيصانعون في دينهم، زيد بن مسلم: لو تنافق وترائي فينافقون، أبان ابن تغلب: لو تحابهم فيحابوك، وقال العوفي: لو تكذب فيكذّبون، عوف عن الحسن: لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض أمرهم، ابن كيسان: لو تقاربهم فيقاربوك.

{ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ } كثير الحلف بالباطل يعني: الوليد بن المغيرة وقيل: الأسود بن عبد يغوث، وقيل: الأخفش بن شديق. { مَّهِينٍ } ضعيف حقير.

وقال ابن عباس: كذّاب وهو قرين منه؛ لأنّ الرجل إنّما يكذّب لمهانة نفسه عليه. وقال قتادة: المكثار في الشر. { هَمَّازٍ } مغاتب يأكل لحوم الناس. وقال الحسن: هو الذي يعيب ناحية في المجلس لقوله: همزة. { مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } قتادة: يسعى بالنميمة يفسد بين الناس.

{ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } قال ابن عباس: يعني للإسلام يمنع ولده وعشيرته من الإسلام ويقول: لأن دخل واحد منكم في دين محمد لا انفعه بشيء أبداً. وقال الآخرون: يعني بخيل بالمال ضنين به عن الحقوق.

{ مُعْتَدٍ } غشوم ظلوم. { أَثِيمٍ } فاجر.

{ عُتُلٍّ } قال ابن عباس: العتل: الفاتك الشديد المنافق. وقال عبيد بن عمير: العتلّ الأكول الشروب القويّ الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعره، يدفع الملك من أولئك سبعين ألف دفعة.

وقال عليّ والحسن: العتلّ: الفاحش الخلق السيّيء الخلق. وقال يمان: هو الجافي القاسي اللئيم العشرة. وقال مقاتل: الضخم. وقال الكلبي: هو الشديد في كفره، وكلّ شديد عند العرب عتلّ وأصله من العَتل وهو الدفع بالعنف.

السابقالتالي
2 3