الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ }

{ عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ } داعيات، وقيل: مُصليات.

{ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ } يُسحَن معه حيث ما ساح، وقيل: صائمات.

وقال زيد بن أسلم وأبنهُ ويمان: مهاجرات.

{ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً } والآية واردة في الإخبار، عن القدرة لا عن الكون في الوقت؛ لأنهُ تعالى قال: { إِن طَلَّقَكُنَّ } وقد علِمَ أنّهُ لا يطلقهنّ، وهذا قولهوَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } [محمد: 38] فهذا إخبار عن القدرة وتخويف لهم، لا أن في الوجود من هو خير من أمة محمد صلى الله عليه وسلم { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } يعني: مروهم بالخير، وانهوهم عن الشر وعلّموهم وأدنوهم تقوهم بذلك ناراً { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ } فظاظ { شِدَادٌ } أقوياء لم يخلق اللّه فيهم الرّحمة، وهم الزبانية التسعة عشر وأعوانهم من خزنه النّار.

{ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } قراءة العامة بفتح النون على نعت التوبة.

وروى حماد ويحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم بضمِّهِ على المصدر، وهي قراءة الحسن.

قال المبرّد: أراد توبة ذات نصح، واختلف المفسِّرون في معنى التوبة النّصوح.

وقال عُمَر وأُبي ومعاذ: التوبة النصوح أنْ يتوب ثم لا يعود إلى الذنب، كما لا يعود اللبن إلى الضرع، ورفعهُ معاذ.

وقال الحسن: هي أنْ يكون العبد نادماً على ما مضى، مجمعاً على أنْ لا يعود فيه.

الكلبي: أن يستغفر باللسان، ويندمُ بالقلب، ويمسك بالبدن.

قال قتادة: هي الصادقة الناصحة.

سعيد بن جبير: هي توبة مقبولة، ولا تقبل مالم يكن فيها ثلاث: خوف أن لا تُقبل، ورجاء أن تقبل، وإدمان الطاعات.

سعيد بن المسيّب: توبة تنصحون بها أنفسكم.

القرظي: تجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والأقلاع بالأبدان، وإظهار ترك العود بالجَنان، ومهاجرة سيّئ الخلاّن.

سفيان الثوري: علامة التوبة النّصوح أربع: القلّة، والعلة، والذلة، والغربة.

فضيل بن عياض: هي أن يكون الذنب نصب عينيه، ولا يزال كأنّهُ ينظرُ إليه.

أَبُو بكر محمد بن موسى الواسطي: هي توبة لا لعقد عوض؛ لأن من أذنب في الدنيا لرفاهيّة نفسه، ثم تاب طلباً لرفاهيتها في الآخرة فتوبته على حظ نفسه لا لله. أَبُو بكر الورّاق: هي أن تضيق عليك الأرض بما رحبت، وتضيق عليك نفسك كتوبة الثلاثة الذين خلِّفوا.

أَبُو بكر الرقاق المصري: ردّ المظالم واستحلال الخصوم، وإدمان الطاعات. رويم الرّاعي: هو أن تكون للّه وجهاً بلا قفاً كما كنت لهُ عند المعصية قفاً بلا.

رابعة: توّبة لابيات منها.

السابقالتالي
2 3