الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وذلك " أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى الغداة دخل على نسائهِ امرأة امرأة، وكان أهديت لحفصة بنت عمر عكّة عسل، فكان إذا دخل عليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مُسلِّماً حبستهُ وسقته منها، وإنّ عائشة أنكرت احتباسهُ عندها؛ فقالت لجويرية عندها حبشية يقال لها: حصن: إذا دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على حفصة فادخلي عليها وانظري ماذا يصنع، فأخبرتها الخبر وشأن العسل، فغارت عائشة وأرسلت إلى صَواحبها فأخبرتهن وقالت: إذا دخل عليكنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقلن: إنّا نجد منّك ريح مغافير، وهو صمغ العرفط، كريه الرائحة، وكان رسول اللّه يكرهه.

قال: فدخل رسول اللّه على سودة، قالت: فما أردت أنْ أقول ذلك لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثم أنّي فرقت من عائشة فقلتُ: يا رسول اللّه ما هذه الريح التي أجدُها منك؟ أكلت المغافير؟ فقال: " لا، ولكن حفصة سقتني عسلا ". ثمَّ دخل رسول على امرأة امرأة وهنَّ يقلنّ له ذلك، ثمّ دخل على عائشة فأخذت بأنفها. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " ما شأنك؟ "

قالت: أجدُ ريح المغافير، أكلتها يا رسول اللّه؟ قال: " لا؛ بل سقتني حفصة عسلا ". قالت: حرست إذاً نحلها العرفط، فقال لها صلى الله عليه وسلم " واللّه لا أطعمهُ أبداً " فحرّمهُ على نفسه ".

وقال عطاء بن أبي مسلم: إنَّ التي كانت تسقي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أُم سلمة.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد، أخبرنا محمد بن الحسن، حدّثنا علي بن الحسن، حدّثنا علي ابن عبد اللّه، حدّثنا حجّاج بن محمد الأعور عن إبن جريج قال: " زعم عطاء أنّهُ سمع عبيد بن عمير قال: سمعتُ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها تخبر أنَّ رسول اللّه كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا، قالت: فتواطأتُ أنا وحفصة أيَّتُنَا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلنقل: إني أجدُ منك ريح مغافير، فدخل على احداهما، فقالت له ذلك، فقال: " لا بل شربتُ عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له " فنزلت { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ... } الآيات.

" قالوا: وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قسّم الأيام بين نسائهِ فلمّا كان يوم حفصة قالت:يا رسول اللّه، إنّ لي إلى أبي حاجة نفقة لي عندهُ، فأذنْ لي أنْ أزوره وآتي، فأذن لها، فلمّا خرجت أرسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى جاريته مارية القبطية أُم إبراهيم وكان قد أهداها المقوقس فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها، فأتت حفصة فوجدت الباب مُغلقاً فحُبست عند الباب، فخرج رسول اللّه (عليه السلام) ووجههُ يقطرُ عرقاً وحفصة تبكي، فقال: ما يُبكيكِ؟ قالت: إنّما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أَمتك بيتي، ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي، أما رأيت لي حُرمة وحقاً؟ ما كنتَ تصنعُ هذا بامرأة منهنّ؟ فقال رسول اللّه (عليه السلام): " أليس هي جاريتي قد أحلّها اللّه لي؟ اسكتي فهي حرام عليَّ ألتمس بذلك رضاكِ، فلا تخبري بهذا امرأة منهن هو عندك أمانة " ".


السابقالتالي
2 3