الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } * { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } * { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } * { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ }

هذه السورة تسمى سورة النساء القصرى افتتحها اللّه سبحانه وتعالى بخطاب منه (للنبي) صلى الله عليه وسلم فقال { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ }.

{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } ثم جمع الخطاب فقال عزّ من قاتل { إِذَا طَلَّقْتُمُ } ومجازها: يا أيها النبي قل لأُمتّك إذا طلقتم { ٱلنِّسَآءَ } أي أردتم تطليقهن كقولهفَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ } [النحل: 98].

{ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وهو أن يطلقها طاهراً من غير جماع، يقول: طلّقوهن لطهرهنّ الذي يحصينّه من عدّتهن، ولا تطلقوهن لحيضهنّ الذي لا يعتددن به من قروئهنّ، وهذا للمدخول بها؛ لأنّ من لم يُدخل بها لا عدّة عليها.

فإذا طلّقها في طُهر لم يجامعها فيه نفذ طلاقه وأصاب السُنّة، وإن طلّقها حائضاً وقع الطلاق وأخطأ السُنّة.

وقال سعيد بن المسيّب في آخرين: لا يقع لأنّه خلاف ما أُمروا، وإليه ذهب الشيعة، فإن طلقها في طهرها ثلاثاً فكرّهه قوم وقالوا ليس بطلاق السنّة؛ لأنّه لم يدع للإمساك موضعاً، وكان الشافعي والجمهور يبيحونه ولا يكرّهونه لأنّ عبد الرحمن بن عوف طلّق امرأته ثلاثاً، وإنّ العجلاني لمّا لاعن قال: كذبت عليها إن أمسكتها، هي طالق ثلاثاً، فلم يردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم واختلف المفسّرون فيمن نزلت هذه الآية، قال: فأخبرنا إبن منجويه، حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن شعبة، حدّثنا أَبُو القاسم عمر بن عقبة بن الزبير الأنصاري، حدّثنا أَبُو عبد اللّه محمّد ابن أيوّب بن معيد بن هناد الكوفي، حدّثنا اسباط بن محمّد، حدّثنا سعيد بن عروة عن قتادة عن أنس قال: طلّق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها فأنزل اللّه تعالى: { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وقيل له: راجعها فإنّها صوّامة قوّامة، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنّة.

وقال السدي: نزلت في عبد اللّه بن عمر، وذلك أنّه طلّق امرأته حائضاً وأمره النّبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ويمسكها حتّى تطهر، ثم تحيض حيضة أُخرى فإذا طهرت طلّقها إن شاء قبل أن يجامعها أو يمسكها، فإنّها العدّة التي أمر اللّه بها.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد، حدّثنا محمد بن يعقوب، حدّثنا الحسن بن علي بن عفّان، حدّثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع " عن إبن عمر قال: طلّقتُ امرأتي على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول اللّه، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مُرْهُ فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أُخرى، فإذا طهرت فليطلقها إن شاء قبل أن يجامعها أو يمسكها، فإنّها العدّة التي أمر اللّه تعالى أن يطلَّق لها النساء ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8