{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } اختلف العلماء في حكم هذه الآية، فقال قوم: إنّ اللّه سبحانه خلق الخلق مؤمنين وكافرين. قال ابن عبّاس: بدأ اللّه خلق بني آدم مؤمناً وكافراً ثمّ يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمناً وكافراً. واحتجّوا بحديث الصادق المصدِّق وقوله: " السعيد من سعد في بطن أمّه والشقي من شقي في بطن أُمّه ". وكما أخبرنا عبد اللّه بن كامل الأصبهاني قال: أخبرني أَبُو بكر أحمد بن محمد بن يحيى العبدي بنو شيخ قال: حدّثنا أحمد بن نجدة بن العريان قال: حدّثنا المحاملي قال: حدّثنا إبن المبارك عن أبي لهيعة قال: حدّثني بكر بن سوادة عن أبي تميم الحسائي عن أبي ذر عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس، فعرج به إلى الرّب تبارك وتعالى، فقال: يارب أذكر أم أنثى؟ فيقضي اللّه سبحانه ماهو قاض. أشقيٌ أم سعيد؟ فيكتب ما هو لاق " وقرأ أَبُو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات ". وأخبرنا عبد الخالق قال: أخبرنا إبن حبيب قال: حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل السيوطي قال: حدّثنا داود بن المفضل قال: حدّثنا نصر بن طريف قال: أخبرنا قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ناجية بن كعب عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " خلق اللّه سبحانه فرعون في بطن أُمّه كافراً، وخلق يحيى بن زكرّيا في بطن أُمّه مؤمناً ". وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " إنّ الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً ". وقال اللّه سبحانه{ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } [نوح: 27]. إنّ اللّه سبحانه خلق الخلق ثم كفروا وآمنوا. قالوا وتمام الكلام عند قوله: { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } ثم وصفهم { فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } وهو مثل قوله:{ وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ } [النور: 45] الآية، قالوا: فاللّه خلقهم والمشي فعلهم، وهذا اختيار الحسن ابن الفضل. قالوا: أو خلقهم مؤمنين وكافرين لما وصفه بفعلهم في قوله: { فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } الكفر فعل الكافر، والإيمان فعل المؤمن. واحتجّوا بقوله سبحانه:{ فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } [الروم: 30] وبقوله: " كل مولود يولد على الفطرة " ، وقوله حكايةً عن ربّه: " إنّي خلقت عبادي كلّهم حنفاء " ونحوها من الأخبار، ثم اختلفوا في تأويلها، فروى أَبُو الجوزاء عن إبن عبّاس قال: «فمنكم مؤمن يكفر، ومنكم كافر يؤمن».