الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ } أي فلق الحب عن النبات، ومخرج منها الزرع وشاق النوى عن الشجر والنخل ومخرجها منها.

وقال مجاهد: يعني الشقين الذين عناهما.

وقال الضحاك: فالق الحب والنوى، الحب جمع الحبة وهي كل ما لم يكن لها نواة مثل البر والشعير والذرة والحبوب كلها.

{ وَٱلنَّوَىٰ } جمع النواة وهي كل ما يكون له حب مثل الخوخ والمشمش والتمر والأجاص ونحوها.

{ يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ ٱلْمَيِّتِ مِنَ ٱلْحَيِّ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } تصدون عن الحق { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } شاق عمود الصبح من ظلمة الليل وكاشفه.

وقال الضحاك: خالق النهار، والأصباح مصدر كالإقبال والإدبار وهي الإضاءة.

وقرأ الحسن والقيسي: فالق الأَصباح بفتح الهمزة جعله جمع مثل قرص وأقراص.

{ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً } سكن فيه خلقه. وقرأ النخعي: فلق الأصباح وجعل الليل سكناً.

وقرأ أهل الكوفة: فالق الأصباح وجعل الليل سكناً على الفعل إتباعاً للمصحف.

وقرأ الباقون: كلاهما بالألف على الإسم.

{ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً } أي جعل الشمس والقمر بحساب لا يجاوزاه حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما.

وقرأ [يزيد بن قعنب]: والشمس والقمر بالخفض عطفاً على اللفظ، والحسبان مصدر كالنقصان والرحمان وقد يكون جمع حساب مثل شهاب وشهبان، وركاب وركبان.

{ ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ * وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ } أي خلقها { لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم } خلقكم وابتدأكم { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } يعني آدم (عليه السلام).

{ فَمُسْتَقَرٌّ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: فمستقر بكسر القاف على الفاعل يعني فلكم مستقر.

وقرأ الباقون: بفتح على معنى فلكم مستقر.

واختلف المفسرون في المستقر والمستودع. فقال عبد اللّه بن مسعود: فمستقر في الرحم إلى أن يوادع مستودع في القبر إلى أن يبعث.

وقال مقسم: مستقر حيث يأوي إليه، ومستودع حيث يموت.

وقال سعيد بن جبير: فمستقر في بطون الأمهات، ومستودع في أصلاب الآباء.

وقال: قال لي ابن عباس (رضي الله عنه) أتزوجت يابن جبير؟ فقلت: لا وما أريد ذلك بوجه. قال: فضرب ظهري وقال: إنه مع ذلك ما كان مستودع في ظهرك فسيخرج.

عكرمة عن ابن عباس: المستقر الذي قد خلق واستقر في الرحم، والمستودع الذي قد استودع في الصلب مما لم يخلق بعد وهو خالقه.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: المستقر في الرحم، والمستودع ما استودع في أصلاب الرجال والدواب.

مجاهد: فمستقر على ظهر الأرض في الدنيا. ومستودع عند اللّه تعالى في الآخرة.

وقال أبو العالية: مستقرها أيام حياتها، ومستودعها حيث تموت وحيث يبعث.

وقال كرب: دعاني ابن عباس (رضي الله عنه) فقال: اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه بن عباس إلى فلان حبر تيماء، أما بعد فحدثني عن مستقر ومستودع.

السابقالتالي
2