الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ } * { وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

ثمّ قال قل يامحمد { تَعَالَوْاْ أَتْلُ } أقرأ { مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } حقّاً يقينا كما أوحى إليّ ربّي وأمرني به لاظنّاً ولا تكذيباً كما يزعمون { أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } اختلفوا في محل أن فقال بعضهم: [محلّه] نصب، ثمّ اختلفوا في وجه انتصابه فقيل معناه: حرّم أن تشركوا ولا صلة كقولهم: (ما منعك ألا تسجد).

وقيل: إنّك ألاّ تشركوا، وقيل: أوحى ألا تشركوا، وقيل: [ما] بدل [من] ما حرّم، وقيل: الكلام عند قوله { حَرَّمَ رَبُّكُمْ } ثمّ قال: عليكم أن لا تشركوا على الكفر، وقال بعضهم: موضع [من] معناه: وهو أن لا تشركوا جهراً بكفركم، وأما بعده فيجوز أن يكون في محل النصب عطفاً على قوله أن لا تشركوا) وأن [.......] لأنّه يجوز أن يكون جزم على الأقوى كقوله { أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ }.

{ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } عطف بالنهي على الخبر قال الشاعر:
حج وأوصي بسليمى إلا عبدا   أن لاترى ولا تكلم أحداً
ولا يزال شرابها مبردا   
{ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ } ولاتئدوا بناتكم خشية العيش فإني أرزقكم وإياهم والإملاق الفقر ونفاد الزاد.

{ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } يعني علانية { وَمَا بَطَنَ } يعني السرّ قال المفسّرون: كانوا في الجاهلية يستقبحون الزنا في العلانية ولا يرون به بأساً في السرّ فحرّم الله تعالى الزنا في العلانيّة والسر وقال الضحاك: ما ظهر الخمر وما بطن { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ } [نهى وهي] نفس مؤمن أو معاهد { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } يعني بما أباح قبلها وهي الارتداد والقصاص والرجم.

وروى مطر الوراق عن نافع بن عمر عن عثمان رضي الله عنه أشرف على أصحابه وقال: علام يقتلونني فإنّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يحل دم أمرىء مُسلم إلاّ بإحدى ثلاث: رجل زنا بعد إحصانه فعليه الرجم، أو قتل عامداً فعليه القود، أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل، فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ولا قتلت أحداً فاقيد نفسي، ولا ارتدت منذ أسلمت، إنّي أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً عبده ورسوله ".

{ ذٰلِكُمْ } النبيّ الذي ذكرت { وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } يعني بما فيه صلاحه وتثميره، وقال مجاهد: هو التجارة فيه، وقال الضحاك: أموال يبتغي له فيه ولا يأخذ من ربحه شيئاً.

وقال ابن زيد: وأن يأكل بالمعروف إن افتقر، وإن استغنى لم يأكل، وقال الشعبي: مَنْ خالط مال اليتيم حتّى يفصل عليه فليخالطه، ومَنْ خالطه ليأكل منه وليدعه حتّى يبلغ أشده.

وقال يحيى بن يعمر: بلوغ الحلم، وقال الشعبي: الأشد الحلم حيث يكتب له الحسنات وعليه السيئات، وقال أبو العاليّة: حتّى يعقل ويجتمع قوّته.

السابقالتالي
2 3