الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَٰلِ وَٱلأَوْلَٰدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَٰهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَٰنٌ وَمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ } * { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }

{ ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ }. قرأ ابن كثير وعاصم برواية أبي بكر والمفضل بتخفيف الصادين من التصديق مجازه: إن المؤمنين والمؤمنات.

وقرأ الباقون: بتشديدهما بمعنى أن المتصدقين والمتصدقات، فأدغم التاء في الصاد كالمزمل والمدثر، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتباراً لقراءة أُبي: (إن المتصدقين والمتصدقات واقرضوا الله قرضاً حسناً) بالصدقة والنفقة في سبيله.

قال الحسن: كل ما في القرآن من القرض الحسن فهو التطوع وإنما عطف بالفعل على الاسم لأنه في تقدير الفعل، مجازه: إن الذين صدقوا وأقرضوا يضاعف لهم أمثالها.

قراءة العامة: بالألف وفتح العين. وقرأ الأعمش: (يضاعفه) بكسر العين وزيادة هاء.

وقرأ ابن عامر وابن كثير وأبو جعفر (يضعّف) بالتشديد.

{ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } وهو الجنة { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ } واحدهم: صديق وهو الكثير الصدق.

قال الضحاك: هم ثمانية نفر سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام: أبو بكر وعلي وزيد وعثمان بن عفان وطلحة والزبير وسعد وحمزة بن عبد المطلب، تاسعهم عمر بن الخطاب ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نبيّه.

{ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ } اختلف العلماء فى نظم هذه الآية وحكمها، فقال قوم: تمام الكلام عند قوله: { ٱلصِّدِّيقُونَ } ثم ابتدأ فقال: { وَٱلشُّهَدَآءُ } وأراد بهم شهداء المؤمنين خاصة، والواو فيه واو الاستثناء، وهذا قول ابن عباس ومسروق وجماعة من العلماء. وقال الآخرون: هي متصلة بما قبلها، والواو فيه واو النسق.

ثم اختلفوا في معناها، فقال الضحّاك: نزلت في قوم مخصوصين من المؤمنين، وكانوا كلّهم شهداء، وقد مرّ ذكرهم.

وقال غيره: نزلت في المؤمنين المخلصين كلّهم.

أخبرني عبد الله بن حامد إجازة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله المزني قال: حدّثنا عبد الله ابن غنام النخعي قال: حدّثنا أبو كريب قال: حدّثنا عبيد بن سعيد، عن شعبة، عن أبي قيس، عن الهرمل، عن عبد الله قال: إنّ الرجل ليقاتل الناس ليرى مكانه، وإنّ الرجل ليقاتل على الدنيا، وإنّ الرجل ليقاتل ابتغاء وجه الله، وإنّ الرجل ليموت على فراشه فيكون شهيداً، ثم قرأ: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ }.

وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمّد بن خالد قال: حدّثنا داود بن سليمان قال: حدّثنا عبد بن حميد قال: حدّثنا أبو نعيم قال: حدّثنا سفيان بن ليث، عن مجاهد قال: كلّ مؤمن صدّيق شهيد، ثم قرأ هذه الآية، يعني موصولة.

وقال ابن عباس في بعض الروايات: أراد بالشهداء الأنبياء خاصّة.

{ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } في ظلمة القيامة. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ * ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا }: { ما } صلة مجازه { ٱعْلَمُوۤا }.

السابقالتالي
2 3 4