الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }

{ هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ } محمد صلى الله عليه وسلم { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ } الله بالقرآن، وقيل: ليخرجكم الرسول بالدعوة { مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }.

{ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ثم بيّن سبحانه فضل السابقين في الانفاق والجهاد فقال عزّ من قائل " { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ } يعني: فتح مكة في قول أكثر المفسرين.

وقال الشعبي: هو صلح الحديبية قال: وقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أفتح هو؟ قال: " نعم عظيم " وقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم { أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ } أي من بعد الفتح { وَقَاتَلُواْ }.

أخبرني عقيل أن المعافى أخبرهم عن محمد بن جرير حدّثني ابن البرقي، حدّثنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرني زيد بن أسلم عن أبي سعيد التمار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم ". قال: من هم يا رسول الله؟قريش.

قال: " لا هم أرق أفئدة وألين قلوباً " وأشار بيده إلى اليمن فقال: " هم أهل اليمن، ألا إن الإيمان يمان والحكمة يمانية " فقلنا: يا رسول الله هم خير منّا؟ قال: " والذي نفسي بيده لو كان لأحدهم جبل من ذهب ينفقه ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه " ثم جمع أصابعه ومدَّ خنصره فقال: " ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين الناس لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ".

وروى محمد بن الفضل عن الكلبي أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفي هذه الآية دلالة واضحة وحجة بيّنة على فضل أبي بكر بتقديمه لأنه أول من أسلم.

أخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا أبو بكر، أخبرنا أحمد بن إسحاق الفقيه أخبرنا محمد بن أيوب، أخبرنا أبو الوليد الطيالسي، حدّثنا عكرمة بن عماد، حدّثنا شداد بن عبد الله أبو عمار وقد كان أدرك نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال أبو امامة لعمرو بن عبسة بأي شيء تدّعي أنك ربع الإسلام؟ قال: إني كنت أرى الناس على الضلالة ولا أرى الأوثان شيئاً، ثم سمعت عن رجل يخبرنا أخبار مكة فركبت راحلتي حتى قدمت عليه، فإذا قومه عليه جرآء قال: قلت: ما أنت؟

قال: أنا نبي. قلت: وما نبي؟ قال: رسول الله.

قلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: " أوحد الله ولا أشرك به شيئاً وكسر الأوثان وصلة الأرحام " ".


السابقالتالي
2