الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } * { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } * { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } * { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } * { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } * { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } * { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ }

{ إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } أي إذا نزلت صبيحة القيامة وتلك النفخة الأخيرة { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } تكذيب ذكره سيبوبه، وهو إسم كالعافية والنازلة والعاقبة، عن الفراء. قال الكسائي: هي بمعنى الكذب كقولهلاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } [الغاشية: 11] أي لغواً، ومنه قول العامة: عائذ بالله أي معاذ الله، وقم قائماً أي قياماً.

ولبعض نساء العرب ترقص إبنها:
قم قائماً قم قائماً   أصبت عبداً نائماً
{ خَافِضَةٌ } أي هي خافضة { رَّافِعَةٌ } تخفض قوماً إلى النار وترفع آخرين إلى الجنة.

وقال عكرمة والسدي ومقاتل: خفضت الصوت فأسمعت من دنا ورفعت الصوت فأسمعت من نأى يعني أنها أسمعت القريب والبعيد، ورفعت قوماً كانوا مذللين فرفعتهم إلى أعلى عليين ووضعت قوماً كانوا في الدنيا مرتفعين فوضعتهم إلى أسفل سافلين.

بن عطاء: خفضت قوماً بالعدل ورفعت قوماً بالفضل.

{ إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } أي رجفت وزلزلت وحُركت تحريكاً من قولهم: السهم يرتجّ في الغرض، بمعنى يهتز ويضطرب.

قال الكلبي: وذلك أن الله عزّوجل إذا أوحى إليها إضطربت فرقاً.

وقال المفسرون: ترجّ كما يُرّج الصبي في المهد حتى ينهدم كل ما عليها، وينكسر كل شيء عليها من الجبال وغيرها.

وأصل الرجّ في اللغة التحريك يقال: رججته فإرتجّ [فارتضى عنقه] ورجرجته فترجرج.

{ وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } أي حثّت حثّاً وفتت فتاً فصارت كالدقيق المبسوس، وهو المبلول والبسبسة عند العرب الدقيق أو السويق يُلتّ ويتخذ زاداً.

وذكر عن لصَ من غطفان أنه أراد أن يخبز فخاف أن يعجّل عن الخبز فقال لا تخبزا خبزاً وبسّا بسّاً ولا تطيلا بمناخ حبساً.

وقال عطاء: أُذهبت إذهاباً قال سعيد بن المسيب والسدي: كسرت كسراً.

الكلبي: سيّرت عن وجه الأرض تسييراً. مجاهد: لتّت لتّاً.

الحسن: قلعت من أصلها فذهبت بعدما كانت صخراً صماء: نظيرهافَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } [طه: 105].

عطية: بسطت بسطاً كالرمل والتراب.

ابن كيسان: جُعلت كثيباً مهيلا بعد أن كانت شامخة طويلة.

{ فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } قال ابن عباس: شعاع الشمس حين يدخل من الكوّة.

علي رضي الله عنه: رهج الدوابّ.

عطية: ما تطاير من شرر النار، قتادة: حطام الشجر.

وقراءة العامة: { مُّنبَثّاً } بالثاء أي متفرقاً، وقرأ النخعي بالتاء أي منقطعاً.

{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً } أصنافاً { ثَلاَثَةً } ثم بيّن من هُم فقال عز من قائل: { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } وهم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة.

وقال ابن عباس: وهم الذين كانوا على يمين آدم حين أُخرجت الذرية من صلبه. وقال الله (إن) هؤلاء في الجنة ولا أبالي.

وقال الضحّاك: هم الذين يعطون كتبهم بإيمانهم.

وقال الحسن والربيع: هم الذين كانوا ميامين مباركين على أنفسهم، وكانت أعمارهم في طاعة الله عزّوجل، وهم التابعون بإحسان.

السابقالتالي
2