الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } * { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } * { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { وَحُورٌ عِينٌ } * { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } * { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } * { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } * { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ }

{ ثُلَّةٌ } جماعة { مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } أي الأمم الماضية { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } مرمولة منسوجة مشبكة بالذهب والجواهر، قد إتّصل بعضها في بعض، كما توضن حلق الدرع [.......] بعضها في بعض مضاعفة.

ومنه قول الأعشى:
ومن نسج داود موضونة   تساق مع الحيّ عيراً فعيرا
وقال أيضاً:
وبيضاء كالنهي موضونة لها   قونس فوق جيب البدن
ومنه وضين الناقة وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفاً كحلق الدرع.

قال الكلبي: طول كل سرير ثلاثمائة ذراع، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت فإذا جلس عليها إرتفعت.

وقال الضحاك: موضونة مصفوفة، وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. يقال: آجر موضون إذا صفَّ بعضها على بعض.

{ مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ } في الزيارة لا ينظر بعضهم في قفا بعض { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ } للخدمة { وِلْدَانٌ } غلمان { مُّخَلَّدُونَ } أي لا يموتون عن مجاهد، وقال الكلبي: لا يهرمون ولا يكبرون ولا ينقصون ولا يتغيرون، وليس كخدم الدنيا يتغيرون من حال إلى حال.

ابن كيسان: يعني [ولداناً مخلدين] لا يتحولون من حالة إلى حالة، عكرمة: منعمون. سعيد بن جبير: مقرّطون.

قال المؤرّخ: ويقال للقرط الخلد.

قال الشاعر:
ومخلدات باللجين كأنما   أعجازهن أفاوز الكثبان
وقال علي والحسن: " هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها، لأن الجنة لا ولادة فيها ".

وفي الحديث: " أطفال الكفار خدم أهل الجنة ".

{ بِأَكْوَابٍ } جمع كوب { وَأَبَارِيقَ } جمع إبريق، سمي بذلك لبريق لونه { وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } خمر جارية { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } لا تصدّع رؤوسهم عن شربها { وَلاَ يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } يختارون ويشتهون.

أخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حبش، حدّثنا ذكّار، حدّثنا هناد، حدّثنا أبو معونة عن عبيد الله بن الوليد عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن في الجنة لطيراً فيه سبعون ألف ريشة، فيجيء فيقع على صحيفة الرجل من أهل الجنة ثم ينتفض، فيخرج من كل ريشة لون أبيض من الثلج والبرد وألين من الزبد وأعذب من الشهد ليس فيه لون يشبه صاحبه ثم يطير فيذهب ".

{ وَحُورٌ عِينٌ } قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي والمفضل بكسر الواو والنون أي وبحور عين، أتبعوا الآخر الأول في الإعراب على اللفظ وإن اختلفا في المعنى، لأن الحور لا يطاف بهنَّ، كقول الشاعر:
إذا ما الغانيات برزن يوماً   وزججن الحواجب والعيونا
والعين لا تزجج وإنما تكحل.

وقال الآخر: متقلداً سيفاً ورمحاً،ومثله كثير.

وقرأ إبراهيم النخعي واشهب العقيلي: (وحوراً عيناً) بالنصب، وكذلك هو في مصحف أُبيّ، على معنى: ويزوّجون حوراً عيناً.

السابقالتالي
2 3