الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ }

{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } الرياح التي تذرو التراب ذرواً، يقال: ذرت الريح التراب وأذرته.

أخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن ماجة قال: حدّثنا الحسن بن أيوب، قال: حدّثنا عبد الله بن أبي زياد قال: حدّثنا سيار بن حاتم قال: حدّثنا أيوب بن خَوط قال: حدّثنا عمر الأعرج قال: بلغنا أنّ مساكن الرياح تحت أجنحة الكروبيّين حملة الكرسي، فتهيج من ثمّ فتقع بعجلة الشمس، ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع برؤوس الجبال، ثم تهيج من رؤوس الجبال فتقع في البر. فأمّا الشمال فإنّها تمرّ بجنّة عدن، فتأخذ من عرق طيبها فتمرّ على أرواح الصدّيقين، ثّم تأخذ حدّها من كرسي بنات نعش إلى مغرب الشمس، ويأتي الدبور حدّها من مغرب الشمس إلى مطلع سهيل، ويأتي الجنوب حدّها من مطلع سهيل إلى مطلع الشمس، ويأتي الصبا حدّها من مطلع الشمس إلى كرسيّ بنات نعش، فلا تدخل هذه في حدّ هذه، ولا هذه في حدّ هذه.

أخبرني الحسن قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، قال: حدّثنا الحكم سليمان، قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي رضي الله عنه { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } ، قال: «الرياح».

{ فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } قال: «السحاب». { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } قال: «السفن».

{ فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } ، قال: «الملائكة».

{ إِنَّمَا تُوعَدُونَ } من الخير والشر والثواب والعقاب { لَصَادِقٌ * وَإِنَّ ٱلدِّينَ } الحساب والجزاء { لَوَاقِعٌ } لنازل كائن.

[ثم] ابتدأ قَسَماً آخر فقال عزّ وجلّ: { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } قال ابن عباس وقتادة والربيع: ذات الخلق الحسن المستوي، وإليه ذهب عكرمة، قال: ألم ترَ إلى النّسّاج إذا نسج الثوب فأجادَ نسجه، قيل: ما أحسن حبكه وقال سعيد بن جبير: ذات الزينة، وقال الحسن: حبكت النجوم.

مجاهد: هو المتقَن البنيان، الضحاك: ذات الطرائق، ولكنّها بعيد من العباد فلا يرونها، قال: ومنه حَبكَ الرمل والماء إذا ضربهما الريح، وحبك الشعر الجعد والدرع، وهو جمع حباك وحبيكة، قال الراجز:
كأنما جلّلها الحوّاك   طنفسة في وشيها حباك
ومنه الحديث في صفة الجبال: «راسية حبك حبك» يعني الجعودة، وقال ابن زيد: ذات الشدّة، وقرأ قول الله سبحانه:وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } [النبأ: 12]، وقال عبد الله بن عمرو: هي السماء السابعة.

{ إِنَّكُمْ } يا أهل مكة { لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } في القرآن ومحمد عليه السلام، فمن مصدّق ومكذّب، ومقرّ ومنكر، وقيل: نزلت في المقتسمين.

{ يُؤْفَكُ } يصرف { عَنْهُ } أي عن الإيمان بهما { مَنْ أُفِكَ } صرف فنجويه، وقيل: يصرف عن هذا القول، أي من أجله وسببه عن الإيمان من صرف، وذلك أنهّم كانوا يتلقون الرجل إذا أراد الإيمان فيقولون له: إنّه ساحر وكاهن ومجنون، فيصرفونه عن الإيمان، وهذا معنى قول مجاهد.

السابقالتالي
2 3