الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } * { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } * { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } * { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }

{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } قال ابن عبّاس: أثروا. مجاهد: ضربوا. الضحّاك: طافوا. النضر بن شميل: دوحوا. الفرّاء: خرقوا. المؤرخ: تباعدوا. ومنه قول امرئ القيس:
لقد نقبّت في الأفاق حتّى   رضيت من الغنيمة بالإيابِ
وقرأ الحسن فنقّبوا بفتح القاف مخفّفة. وقرأ السلمي ويحيى بن معمر بكسر القاف مشدّداً على التهديد والوعيد أي طوّفوا في البلاد، وسيروا في الأرض، فانظروا { هَلْ مِن مَّحِيصٍ } من الموت وأمر الله سبحانه.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي في القرى التي أهلكت والعِبر التي ذكرت { لَذِكْرَىٰ } التذكرة { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي عقل، فكنّي عن العقل بالقلب لأنّه موضعه ومتبعه. قال قتادة: لمن كان له قلب حيّ، نظيرهلِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً } [يس: 70]، وقال الشبلي: قلب حاضر مع الله لا يغفل عنه طرفة عين، وقال يحيى بن معاذ: القلب قلبان: قلب قد احتشى بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من أمور الآخرة لم يدر ما يصنع من شغل قلبه بالدنيا. وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة، حتّى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة. وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سألت أبا الحسن علي بن عبد الرّحمن العباد عن هذه الآية، فقال: معناها إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب مستقرّ لا يتقلّب عن الله في السراء والضراء.

{ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ } أي استمع القرآن، يقول العرب: ألقِ إليَّ سمعك أي استمعْ، وقال الحسين بن الفضل: يعني وجه سامعه وحولها إلى الذكر كما يقال اتبعي إليه.

{ وَهُوَ شَهِيدٌ } أي حاضر القلب، وقال قتادة: وهو شاهد على ما يقرأ ويسمع في كتاب الله سبحانه من حبّ محمّد صلى الله عليه وسلم وذكره. { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } إعياء وتعب.

نزلت في اليهود حيث قالوا: يا محمد أخبرنا ما خلق الله تعالى من الخلق في هذه الأيّام الستّة؟

فقال صلى الله عليه وسلم " خلق الله تعالى الأرض يوم الأحد والاثنين، والجبال يوم الثلاثاء والمدائن والأنهار والأقوات يوم الأربعاء، والسماوات والملائكة يوم الخميس، إلى ثلاث ساعات من يوم الجمعة وخلق في أوّل الثلاث ساعات الآجال، وفي الثانية الآفة، وفي الثالثة آدم ".

قال: قالوا: صدقت إن أتممت. فقال: وما ذاك؟ فقالوا: ثمّ استراح يوم السبت واستلقى على العرش فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } فإنّ الله سبحانه لهم بالمرصاد، { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } يعني قل: سبحان الله والحمد لله. عن عطاء الخراساني، وقال الآخرون: وصلّ بأمر ربّك وتوفيقه، { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } يعني صلاة الصبح، { وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } صلاة العصر، وروي عن ابن عباس، { وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ }: يعني الظهر والعصر، { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } يعني صلاة العشائين، وقال مجاهد: من الليل كلّه، يعني: صلاة الليل، في أي وقت صلّى، { وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة والحسن بن علي والحسن البصري والنخعي والشعبي والأوزاعي: أدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، وأدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، وقد روي عنه مرفوعاً أخبرنيه عقيل قال: أخبرنا المعافى، قال حدثنا ابن جرير، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن فضيل عن رشيد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3