الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ }.

إختلفوا في تنزيل هذه الآية وتأويلها فروى محمد بن كعب القرضي عن أبي هريرة قال: " كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلاً اختار له أصحابه شجرة ظليلة فينزل تحتها ويقيل، فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلق سيفه عليها فأتاه إعرابي وأخذ السيف من الشجرة وأخترطه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال: يا محمد من يمنعك مني؟ فقال: اللّه. فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف منه وضرب برأسه الشجرة حتى إنفرد ساعة فأنزل اللّه الآية ".

وقال أنس: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس، قال: وقالت عائشة: فكنت ذات ليلة إلى جنبه فسهر تلك الليلة، فقلت: يا رسول اللّه ما شأنك؟ فقال: " ليت رجل صالح حرسني الليلة " قالت: فبينما نحن في ذلك حتى سمعت صوت السلاح. فقال: من هذا؟ قال: سعد وحذيفة جئنا نحرسك، فنام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه فنزلت الآية فأخرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة أديم وقال: " إنصرفوا أيها الناس فقد عصمني اللّه عز وجل " ".

وروى الحسن مرسلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لمّا بعثني الله برسالته فضقت بها ذرعاً وعرفت إن من الناس من يكذبني " وكان عتابه قريشاً واليهود والنصارى فأنزل اللّه الآية " ، قلت: ولما نزل قولهوَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [الأنعام: 108] سكت النبي (عليه السلام) عن عيب الهتهم فأنزل اللّه تعالى { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } [المائدة: 67] يعني معايب آلهتهم.

وقيل: " نزلت فى عيب اليهود وذلك إنه (عليه السلام) دعا اليهود إلى الإسلام وقالوا: أسلمنا قبلك وجعلوا يستهزئون به ويقولون: تريد أن نتّخذك عياناً كما اتخذت النصارى عياناً عيسى، فلما رأى النبي (عليه السلام) ذلك سكت فحرضه اللّه على دعائهم إلى الإسلام وأمره أن يقول لهم.

{ ٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ } الآية ".

قال الحسين بن الفضل: وهذا أولى الأقاويل لأنه ليس بين قوله بلّغ ما أنزل إليك وبين قوله لستم على شيء فصل.

فلما نزلت الآية قال (عليه السلام): " لا يأتي من عندي ومن نصرني

". " وقيل: نزلت في قصة عيينة بن حصين وفقراء أهل الصفة وقيل: بلغ ما أنزل إليك من الرجم والقصاص ومرّ في قصة.وقيل: بلغ ما أنزل إليك من أمر نسائك. وذلك أن رسول اللّه لما نزلت آية التخيير لم يكن يعرضها عليهن خوفاً من اختيارهن الدنيا فأنزل اللّه، وقيل: بلغ ما أنزل إليك في أمر زينب بنت جحش، وقيل: نزلت في الجهاد، وذلك إن المنافقين كرهوه، قال اللّه

السابقالتالي
2 3