الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }

{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } الآية، أمر اللّه تعالى بالوضوء عند القيام إلى الصلاة. واختلف العلماء في حكم الآية، فقال قوم: هذا من العام الذي أريد به الخاص. والمجمل الذي وكل بيانه إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ومعنى الآية: إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم على غير طهر، يدلّ عليه ما روي عن عكرمة إنه سأل عن هذه الآية قال: أو كلّ ساعة أتوضأ؟ فقال: إن ابن عباس قال: لا وضوء إلاّ من حدث.

وقال الفضل بن المبشر: رأيت جابر بن عبد اللّه يصلي الصلوات الخمس بوضوء واحد. فإن بال أو أحدث توضأ ومسح بفضل مائه الخفين. فقيل: أي شيء تصنعه برأيك؟ فقال: بل رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصنعه وأنا أصنع كما رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصنع.

وروى محارب بن دثار عن ابن عمر " أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد ".

وقال المسوّر بن مخرمة لابن عباس: هل لك في عبيد بن عمير إذا سمع النداء خرج من المسجد. فقال ابن عباس: هكذا يصنع الشيطان، فدعاه فقال: ما يحملك على ما تصنع إذا سمعت النداء خرجت وتوضأت، قال إن اللّه عز وجل يقول: { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ }...الآية. قال: ليس هذا إذا توضأت فإنك على طهر حتّى تحدث، ثم قال: هكذا يصنع الشيطان إذا سمع النداء ولّى وله ضراط.

وروى الأعمش عن عمارة قال: كان للأسود قعب قد ري رجل وكان يتوضأ به ثم يصلي بوضوئه ذلك الصلوات كلها.

وقال زيد بن أسلم والسّدي: معنى الآية إذا قمتم إلى الصلاة من النوم، وقال بعضهم: أراد بذلك كل قيام العبد إلى صلاته أن يجدّد لها طهراً على طريق الندب والاستحباب، قال عكرمة: كان علي يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ هذه الآية { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ }.

عن أبي عفيف الهذلي إنه رأى ابن عمر يتوضأ للظهر ثم العصر ثم المغرب، فقلت: يا أبا عبد الرحمن أسنّة هذا الوضوء؟ قال: إنه كان كافياً وضوئي للصلاة كلها مالم أُحدث ولكني سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: " من توضأ على طهر كتب اللّه له عشر حسنات " ففي ذلك رغبت يا ابن أخي.

وقال بعضهم: بل كان هذا أمراً من اللّه عز وجل لنبيه وللمؤمنين حتماً وامتحاناً أن يتوضأ لكل صلاة، ثم نسخ للتخفيف.

وقال محمد بن يحيى بن جبل الأنصاري قلت: لعبيد اللّه بن عمر: أخبرني عن وضوء عبد اللّه لكل صلاة طاهراً كان أو غير طاهر عمّن هو؟ قال: حدّثتنيه أسماء بنت زيد الخطاب أن عبد اللّه بن حنظلة بن أبي عامر الغسيلي حدثها أن النبي صلى الله عليه وسلم أُمر بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه فأُمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلاّ من حدث، وكان عبد اللّه يرى أن به قوّة عليه فكان يتوضأ.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9