الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } * { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم } الآية. " قال ابن عبّاس: نزلت في ثابت بن قيس وقوله للرجل الذي لم يفسح له: ابن فلانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من الذاكر فلانة؟ ". فقام ثابت، فقال: أنا يا رسول الله. فقال: " انظر في وجوه القوم ". فنظر إليهم، فقال: " ما رأيت يا ثابت؟ ".

قال: رأيت أبيض وأسود وأحمر. قال: " فإنّك لا تفضلهم إلاّ في الدّين والتقوى " ، فأنزل الله سبحانه في ثابت هذه الآية وبالّذي لم يفسح له:آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ... } [المجادلة: 11] الآية.

وقال مقاتل: لمّا كان يوم فتح مكّة، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً حتّى علا على ظهر الكعبة وأذّن، فقال عتاب بن أسد بن أبي العيص: الحمد لله الذي قبض أبي حتّى لم ير هذا اليوم، وقال الحرث بن هاشم: أما وجد محمّدٌ غير هذا الغراب الأسود مؤذِّناً؟ وقال سهيل بن عمرو: إن يرد الله شيئاً يغيره، وقال أبو سفيان بن حرب: إنّي لا أقول شيئاً أخاف أن يخبر به ربّ السماء.

فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عمّا قالوا، فأقرّوا، فأنزل الله سبحانه هذه الآية وزجرهم، عن التفاخر بالأنساب، والتكاثر بالأموال، والازدراء للفقراء، وقال يزيد بن سخرة: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يمرّ ببعض أسواق المدينة، فإذا غلام أسود قائم، ينادى عليه ليباع، فمن يريد.

وكان الغلام قال: من اشتراني فعلي شرط، قيل: ما هو، قال: ألا يمنعني عن الصلوات الخمس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتراه رجل على هذا الشرط، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراه عند كلّ صلاة مكتوبة، ففقده ذات يوم، فقال لصاحبه: " أين الغلام؟ ". فقال: محموم يا رسول الله، فقال لأصحابه: " قوموا بنا نعوده ". فقاموا معه فعادوه، فلما كان بعد أيّام قال لصاحبه: " ما حال الغلام؟ ".

قال: يا رسول الله، إنّ الغلام لما به، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليه وهو في ذهابه، فقبض على تلك الحال، فتولّى رسول الله صلى الله عليه وسلم غسله، وتكفينه، ودفنه، فدخل على المهاجرين، والأنصار من ذلك أمر عظيم، فقال المهاجرون: هاجرنا ديارنا، وأموالنا، وأهالينا، فلم ير أحد منّا في حياته ومرضه وموته ما لقي منه هذا الغلام، وقال الأنصار: آويناه، ونصرناه، وواسيناه فآثر علينا عبداً حبشيّاً، فعذر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم فيما تعاطاه من أمر الغلام، وأراهم فضل التقوى، فأنزل الله سبحانه: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً } "

السابقالتالي
2 3 4