الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَٰلَهُمْ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } * { فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } * { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }

{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } أي أبطلها فلم يقبلها، وقال الضحّاك: أبطل كيدهم ومكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعل الديرة عليهم.

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } حالهم، وجمعُهُ بالات. قال سفيان الثوري: { وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ } لم يخالفوه في شيء. قال ابن عبّاس: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ } أهل مكّة. { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الأنصار.

{ ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ } يعني الشياطين. { وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ } يعني القرآن. { كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ } يبيّن الله للنّاس. { أَمْثَالَهُمْ } أشكالهم.

{ فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل الحرب. { فَضَرْبَ } نصب على الإغراء { ٱلرِّقَابِ } الأعناق، واحدتها رقبة. { حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ } أي غلبتموهم، وقهرتموهم، وصاروا أسرى في أيديكم. { فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ } كي لا يفلتوا منكم، فيهربوا. { فَإِمَّا مَنًّا } عليهم { بَعْدُ } الأسر، بإطلاقكم إيّاهم من غير عوض، ولا فدية.

{ وَإِمَّا فِدَآءً } (و) نصبا بإضمار الفعل، مجازه: فإمّا أن تمنّوا عليهم منّاً، وإمّا أن تفادوهم، واختلف العلماء في حكم هذه الآية، فقال قوم: هي منسوخة بقوله:فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم } [الأنفال: 57]... الآية. وقوله:فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [التوبة: 5]، وإلى هذا القول ذهب قتادة، والضحاك، والسدي، وابن جريج، وهي رواية العوفي، عن ابن عبّاس.

أخبرنا عقيل بن محمّد أنّ أبا الفرج البغدادي أخبرهم، عن محمّد بن جرير، حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، قال: كُتب إلى أبي بكر رضي الله عنه في أسير أُسر، فذكر أنّهم التمسوه بفداء كذا، وكذا، فقال أبو بكر: اقتلوه، لَقتل رجل من المشركين أحبّ إليَّ من كذا، وكذا.

وقال آخرون: هي مُحكمة والإمام مخيّر بين القتل، والمنّ، والفداء. وإليه ذهب ابن عمر، والحسن، وعطاء، وهو الاختيار؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين كلّ ذلك فعلوا، فقتل رسول الله عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، يوم بدر صبراً فادى سائر أسارى بدر. وقيل: بني قريظة، وقد نزلوا على حكم سعد، وصاروا في يده سلماً ومنّ على أمامة بن أثال الحنفي وهو أسير في يده.

أخبرنا عقيل أنّ أبا الفرج القاضي البغدادي أخبرهم، عن محمّد بن جرير، حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن رجل من أهل الشام ممّن كان يحرس عمر بن عبد العزيز، قال: ما رأيت عمر قتل أسيراً إلاّ واحداً من الترك، كان جيء بأسارى من الترك، فأمر بهم أن يسترقوا، فقال رجل ممّن جاء بهم: يا أمير المؤمنين لو كنت رأيت هذا لأحدهم وهو يقتل المسلمين، لكثر بكاؤك عليهم فقال عمر: قد فدك، فاقتله، فقام إليه فقتله.

السابقالتالي
2 3