{ حـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ } بينت { آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ولو كان غير عربي لما علموه. وفي نصب القرآن وجوه: أحدها: إنّه شغل الفعل علامات حتّى صارت بمنزلة الفاعل، فنصب القرآن وقوع البيان عليه. الثاني: على المدح. والثالث: على إعادة الفعل، أي فصَّلنا قرآناً. والرابع: على إضمار فعل، أي ذكرنا قرآناً. والخامس: على الحال. والسادس: على القطع. { بَشِيراً وَنَذِيراً } نعتان للقرآن { فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } أي لا يسمعونه ولا يصغون إليه { وَقَالُواْ } يعني مشركي مكّة { قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ } أغطية { مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } فلا نفقه ما يقول، قال مجاهد: كالجعبة للنبل { وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ } فلا نسمع ما يقول، وإنّما قالوا ذلك ليؤَيّسئوه من قبولهم لدينه وهو على التمثيل. { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } خلاف في الدين، فجعل خلافهم ذلك ساتراً وحاجزاً لا يجتمعون ولا يوافقون من أجله ولا يرى بعضهم بعضاً. { فَٱعْمَلْ } بما يقتضيه دينك. { إِنَّنَا عَامِلُونَ } بما يقتضيه ديننا. قال مقاتل: فأعبد أنت إلهِك، وإنّا عابدون آلهتنا. { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } قال الحسن: عَلَمَهُ الله التواضع { فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ } وجهوا وجوهكم إليه بالطاعة والإخلاص { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } من ذنوبكم الّتي سلفت. { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } قال ابن عباس: لا يشهدون لا إله إِلاَّ الله وهي زكاة الأنفس، وقال الحسن وقتادة: لا يقرّون بالزكاة ولا يؤمنون بها، ولا يرون إيتاءها واجباً، وقال الضحاك ومقاتل: لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة. وكان يقال: الزّكاة قنطرة الإسلام، فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك، وقد كان أهل الردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: أما الصلاة فنصلي، وأما الزّكاة فوالله لا تغصب أموالنا. وقال أبو بكر " رضي الله عنه ": والله لا أفرق بين شيء جمع الله تعالى بينه والله لو منعوني عقالاً ممّا فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه. وقال مجاهد والربيع: يعني لا يزكّون أعمالهم، وقال الفراء: هو أنّ قريشاً كانت تطعم الحاج، فحرموا ذلك على من آمن بمحمّد صلى الله عليه وسلم { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال ابن عباس: غير مقطوع. مقاتل: غير منقوص، ومنه المنون لأنّه ينقص منه الإنسان أي قوته. مجاهد: غير محسوب، وقيل: غير ممنون به. قال السدي: نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى إذا عجزوا عن الطاعة يكتب لهم الأجر كأصح ما كانوا يعلمون فيه. { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْن } الأحد والأثنين. { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا } أي في الأرض بما خلق فيها من المنافع، قال السدي: أنبت شجرها.