الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } * { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيْتَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } * { فَكَيْفَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ إِحْسَٰناً وَتَوْفِيقاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَعْلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً }

{ أَمْ يَحْسُدُونَ } يعني اليهود { ٱلنَّاسَ }: قال قتادة: يعني العرب حسدوهم على النبّوة وبما أكرمهم الله تعالى به محمد صلى الله عليه وسلم عن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت علياً (عليه السلام) على المنبر في قوله { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } قال: هو رسول الله وأبو بكر وعمر (عليهم السلام).

وقال آخرون: المراد بالناس هنا يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسدوه على ما أحل الله له من النساء؛ وذلك ما روى علي بن علي عن أبي حمزة الثمالي في قوله { فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } يعني بالناس في هذه الآية نبيّ الله، قالت اليهود: انظروا إلى هذا النبي، والله ما يشبع من طعام، لا والله ماله همّ إلاّ النساء، لو كان نبي لشغله أمر النبوة عن النساء، فحسدوه على كثرة نسائه وعيّروه بذلك فقالوا: لو كان نبيّاً ما رغب في كثرة النساء، فأكذبهم الله تعالى فقال: { فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } ، يعني بالحكمة النبوّة.

{ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } فأخبرهم بما كان لداود وسليمان من النساء، فوبّخهم لذلك، فأقرت اليهود لنبي الله (عليه السلام) أنّه اجتمع عند سليمان ألف امرأة، ثلثمائة مهرية وسبعمائة سرية، وعند داود مائة امرأة. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف امرأة عند رجل، ومائة امرأة عند رجل أكثر أو تسع نسوة؟ وكان يومئذ تسع نسوة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكتوا.

قال الله تعالى: { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ } يعني بمحمد صلى الله عليه وسلم يعني عبد الله بن سلام وأصحابه { وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ } أعرض عنه فلم يؤمن به { وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } وقوداً.

قال السدي: [الآيتان] راجعتان الى إبراهيم (عليه السلام)؛ وذلك أنه زرع ذات سنة وزرع الناس، فهلكت زروع الناس وزكا زرع إبراهيم، واحتاج الناس إليه، وكانوا يأتون إبراهيم (عليه السلام) يسألونه، فقال لهم: من آمن بالله أعطيته، ومن أبى منعته، فمن آمن به أتاه الزرع ومن أبى لم يعطهِ.

عن عمرو بن ميمون الأودي قال: لمّا تعجل موسى (عليه السلام) إلى ربّه عزَّ وجل، مرّ برجل غبطه لقربه من العرش، فسأل عنه، فقال: يا ربّ من هذا؟ فقيل له: لن يخبرك اسمه، وسيخبرك بعمله، كان لا يمشي بالنميمة، ولا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، وكان لا يعقّ والديه.

أبو زياد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ".

وعن يوسف بن الحسين الرازي قال: سمعت ذا النون يقول: الحسود لا يسود.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8