الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } * { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ } يعني محمد صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ }.

روى محمد بن المنكدر وابو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: " مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني هو وأبو بكر فلما غشياني فوجدني قد أغمي عليّ فتوضّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صَبّ عليّ من وضوئه فأفقت، فقلت: يا رسول الله كيف أصنع في مالي وكان لي سبع أخوات ولم يكن لي ولد ولا والد؟ قال: فلم يجبني شيئاً ثمّ خرج وتركني ثم رجع إليّ وقال: " يا جابر إني لا أراك ميّتاً من وجعك هذا وإن الله عز وجل، قد أنزل في أخواتك وجعل لهن الثلثين " ، وقرأ هذه الآية { يَسْتَفْتُونَكَ } " إلى آخرها.

وكان جابر يقول: نزلت هذه الآية فيَّ.

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في جابر وفي أخته أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي أُختاً فما لي [وما لها].

فنزلت هذه الآية وابتدأ بالرجل، فيقال: إنه مات قبل أُخته.

سعيد عن قتادة قال: قال بعضهم على الكلالة فقالوا يا نبي الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل هذه الآية { يَسْتَفْتُونَكَ } أي يستخبرونك ويسألونك (قل الله يفتيكم في الكلالة).

قال الشعبي: اختلف أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في الكلالة وقال أبو بكر: هو ما عدا الولد، وقال عمر: هو ما عدا الوالد.

ثم قال عمر: إني لأستحي من الله أن أُخالف أبا بكر.

وقال عمر (رضي الله عنه): لأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بينهنّ لكان أحب إلينا من الدنيا وما فيها، الكلالة والخلافة وأبواب الربا.

وقال محمد بن سيرين: نزلت هذه الآية والنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى حجة الوداع، وإلى جنبه حذيفة بن اليمان (وإلى جنبه عمر) فبلغها النبي صلى الله عليه وسلم إلى حذيفة وبلغها حذيفة إلى عمر وهو يسير خلف حذيفة، فلما استخلف عمر سأل حذيفة عنها ورجا أن يكون عنده تفسيرها، فقال له حذيفة: والله إنك لأحمق أن ظننت أنّ إمارتك تحملني أن أُحدّثك فيها ما لم أُحدّثك يومئذ لما لقّانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (والله، لا أزيدك عليها شيئاً أبداً) فقال عمر: لم أرد هذا رحمك الله، ثم قال عمر: من كنت بيّنتها له فإنها لم تبين لي وما شهدك أفهمتها له فإني لم أفهمها.

وقال طارق بن شهاب: أخذ عمر كتفاً وجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: لأقضينّ في الكلالة قضاءً تحدّث به النساء في خدورها فخرجت حينئذ حية من البيت فتفرّقوا، فقالوا: لو أراد الله أن يتم هذا الأمر لأتمّه.

السابقالتالي
2