الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } * { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً }

{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ }.

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في بنات أم كحه وميراثهن من أُمّهن، وقد مضت هذه القصة في أول السورة.

معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: كان الرجل بالجاهلية يكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل بها ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً، فإن كانت جميلة وهواها تزوجها وأكل مالها وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى تموت، فإذا ماتت ورثها، فحرّم الله تعالى ذلك ونهى عنه وأنزل هذه الآية.

مجاهد والضحاك وقتادة وإبراهيم: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان شيئاً، وكانت المرأة تكون دميمة في الجاهلية، دميمة ولها مال فيكره وليّها أن يتزوجها من أجل دمامتها، ويكره أن يزوّجها غيره من أجل مالها، وكان وليّها لايتزوجها ويحبسها عنده حتى تموت، ويرثها.

سعيد بن جبير: كان وليّ اليتيمة إذا كانت ذات مال وجمال، رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذات مال ولا جمال لم ينكحها ولم ينكّحها فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وعن عبد الله بن عبيدة قال: جاءت امرأة من الأنصار يقال لها خولة بنت حكيم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول إن أخي توفّي وترك بنات وليس عندهن من الحُسن مايرغب فيهن الرجال ولا يقسم لهن من ميراث إبيهنّ شيئاً فنزلت فيها. { وَيَسْتَفْتُونَكَ } أي يستخبرونك في النساء { عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَابِ } أي في القرآن، وموضع مارفع معناه { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَابِ } ويفتيكم أيضاً فيهن، ويجوز أن يكون في موضع الخفض، فيكون معناه قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى بينكم، وهو بعيد لأن الظاهر لا يعطف على المضمر، وجه الرفع أبين لأن مايتلى في الكتاب ويتلى بين ما سألوه عنه معنى، قل الله يفتيكم فيهن في كتابه يفتيكم فيهن وهو قوله { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ } الآية وقوله { فِي يَتَامَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ } أي لاتعطونهن { مَا كُتِبَ لَهُنَّ } يعني فرض لهن من الميراث { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } أي وترغبون عن نكاحهن لملكهن، وقيل: ترغبون في نكاحهن لمالهن { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَانِ } يعني الصغار من الصبيان وهو في موضع الخفض والمعنى: قل الله يفتيكم فيهن والمستضعفين { وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَىٰ بِٱلْقِسْطِ } أي بالعدل { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }.

وروى شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب إنّ آخر آية كانت (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن) وآخر سورة براءة { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } نزلت في عمرة ويقال خويلة بنت محمد بن سلمة في زوجها رافع بن الرفيع ويقال رافع بن خديج تزوجها وهي شابة فلمّا أدبرت وعلاها يعني تزوج عليها امرأة شابة وآثر عليها وحفا ابنه محمد بن سلمة وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه، فنزلت فيها هذه الآية هذا قول: الكلبي وجماعة المفسرين، وقال سعيد بن جبير: كان رجل وله إمرأة قد كبرت وكان له منها أولاد فأراد أن يطلقها، ويتزوج غيرها فقالت لا تطلقني ودعني أقوم على ولدي وأقسم لي في كل شهرين إن شئت أو أكثر وإن شئت فلا تقسم لي، فقال: إن كان يمنع ذلك فهو أحبّ إليّ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: قد سمع الله ما تقول فإن شاء أجابك فأنزل الله عز وجل { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً } أي علمت من زوجها نشوزاً يعني بغضاً.

السابقالتالي
2 3 4