الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } * { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } * { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } * { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ }

{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ * قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } وفي تحقيق الله سبحانه وتعالى التنشئة في اليد، دليل على أنه ليس بمعنى النعمة والقوة والقدرة، إنما هما وصفان من صفات ذاته.

قال مجاهد: اليد هاهنا بمعنى التأكيد، والصلة مجاز لما خلقت، كقوله سبحانه: { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } أي ربك، وهذا تأويل غير قوي، لأنه لو كان بمعنى الصلة فكان لإبليس أن يقول: إن كنت خلقته فقد خلقتني. وكذلك في القدرة والنعمة، لاتكون لآدم في الخلق مزية على إبليس وقد مضت هذه المسألة عند قوله: { مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ }.

قال: العرب تسمي الاثنين جميعاً لقوله سبحانههَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ } [الحج: 19]، وقولهوَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [النور: 2] قال: هما رجلان وقال:فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } [التحريم: 4].

{ أَسْتَكْبَرْتَ } ألف الاستفهام تدخل على ألف الخبر { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } المتكبرين على السجود كقوله سبحانه:إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [القصص: 4]. { قَالَ } إبليس { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا } أي من الجنّة.

وقيل: من السماوات.

وقال الحسن وأبو العالية: أيّ من الخلقه التي أنت فيها.

قال الحسين بن الفضل: وهذا تأويل صحيح، لأن ابليس تجبّر وافتخر بالخلقة،فغيّر الله تعالى خلقه فاسودَّ بعدما كان أبيضاً وقبح بعدما كان حسناً وأظلم بعد أن كان نورانياً.

{ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } مطرود معذّب { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } وهو النفخة الأولى { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ }.

قرأ مجاهد والأعمش وعاصم وحمزة وخلف: برفع الأول ونصب الثانية على معنى فأنا الحقّ أو فمنّي الحق، وأقول الحق.

وقال الباقون: بنصبهما.

واختلف النحاة في وجهيهما، قيل: نصب الأول على الإغراء والثاني بايقاع القول عليه.

وقيل: هو الأول قسم، والثاني مفعول مجاز قال: فبالحق وهو الله عزّ وجلّ أقسم بنفسه والحق أقول.

وقيل: إنه أتبع قسماً بعد قسم.

وقال الفراء وأبو عبيد: معناهما حققا لم يدخل الألف واللام، كما يقال: الحمد لله وأحمد الله، هما بمعنى واحد.

وقرأ طلحة بن مصرف: فالحق والحق بالكسر فهما على القسم.

وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبا بكر بن عبدش يقول: هو مردود إلى ماقبله ومجازه: فبعزتك وبالحق والحق قال الله سبحانه: { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ } أيّ من نفسك وذريتك { وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ * قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أيّ على تبليغ الوحي، كناية عن غير مذكور { مِنْ أَجْرٍ } قال الحسين بن الفضل: هذه الآية ناسخة لقوله

السابقالتالي
2