الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } * { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } * { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } * { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ } * { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } * { وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْئَيْكَةِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ } * { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } * { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } * { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } * { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } * { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } * { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ }

{ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ } نعمة { رَبِّكَ } يعني مفاتيح النبوة، نظيرها في الزخرفأَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ } [الزخرف: 32] أي نبوة ربك { ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ * أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } أي فليصعدوا في الجبال إلى السماوات، فليأتوا منها بالوحي إلى من يختارون ويشاؤن، وهذا أمر توبيخ وتعجيز.

وقال الضحاك ومجاهد وقتادة: أراد بالأسباب: أبواب السماء وطرقها.

{ جُندٌ } أي هم جُند { مَّا هُنَالِكَ } أي هنالك و(ما) صلة { مَهْزُومٌ } مغلوب، ممنوع عن الصعود إلى السماء { مِّن ٱلأَحَزَابِ } أي من جملة الأجناد.

وقال أكثر المفسرين: يعني أن هؤلاء الملأ الذين يقولون هذا القول، جند مهزوم مقهور وأنت عليهم مظفر منصور.

قال قتادة: وعده الله عزّ وجلّ بمكة أنّه سيهزمهم، فجاء تأويلها يوم بدر من الأحزاب، أيّ كالقرون الماضية الذين قهروا وأهلكوا، ثم قال معزّاً لنبيه صلى الله عليه وسلم { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } قال ابن عبّاس: ذو البناء المحكم.

وقال القتيبي: والعرب تقول: هم في عز ثابت الأوتاد، وملك ثابت الأوتاد.

يريدون أنّه دائم شديد، وأصل هذا أن البيت من بيوتهم بأوتاده.

قال الأسود بن يعفر: في ظل ملك ثابت الأوتاد.

وقال الضحاك: ذو القوة والبطش.

وقال الحلبي ومقاتل: كان يعذب الناس بالأوتاد، وكان إذا غضب على أحد مَدّهُ مستلقياً بين أربعة أوتاد كل رجل منه إلى سارية وكل يد منه إلى سارية، فيتركه كذلك في الهواء بين السماء والأرض حتّى يموت.

وقال مقاتل بن حيان: كان يمد الرجل مستلقياً على الأرض ثم يشده بالأوتاد.

وقال السدي: كان يمد الرجل ويشده بالأوتاد ويرسل عليه العقارب والحيّات.

وقال قتادة وعطاء: كانت له أوتاد وأرسال وملاعب يلعب عليها بين يديه.

{ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ * إِن كُلٌّ } ما كل منهم { إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } فوجب عليهم ونزل بهم عذابي { وَمَا يَنظُرُ } ينتظر { هَـٰؤُلآءِ } يعني كفار مكة { إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً } وهي نفخة القيامة.

وقد روي هذا التفسير مرفوعاً إلى النبي (عليه السلام).

{ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ }.

قال ابن عبّاس وقتادة: من رجوع. الوالبي: يزداد. مجاهد: نظرة. الضحاك: مستوية.

وفيه لغتان: (فُواق) بضم الفاء وهي لغة تميم، وقراءة يحيى والأعمش وحمزة والكسائي وخلف. و(فَواق) بالفتح وهي لغة قريش، وقراءة سائر القرّاء واختيار أبي عبيد.

قال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد، كما يقال حُمام المكوك وحُمامه، وقصاص الشعر وقصاصه.

وفرّق الآخرون بينهما.

قال أبو عبيدة والمؤرخ: بالفتح بمعنى الراحة والإفاقة كالجواب من الإجابة، ذهبا به إلى إفاقة المريض من علته، و(الفُواق) بالضم مابين الحلبتين، وهو أن يحلب الناقة ثم تترك ساعة حتّى يجتمع اللبن فما بين الحلبتين فواق.

السابقالتالي
2 3 4 5 6