الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يسۤ } * { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } * { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } * { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ }

{ يسۤ } اختلف القُراء فيه، فقرأ حمزة والكسائي وخلف في أكثر الروايات { يسۤ } بكسر الياء بين اللفظين قراءة أهل المدينة، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم.

الباقون: بفتح الياء، وقرأ أبو جعفر وأبو عمرو وحمزة وأيوب وأبو حاتم وعاصم في أكثر الروايات، (يسين)، بإظهار النون والسكون.

واختلف فيه عن نافع وابن كثير، فقرأ عيسى بن عمر: (ياس) بالنصب، شبهه ب (أين) و(كيف)، وقرأ ابن أبي إسحاق بكسر النون، شبهه بأمسِ ورقاشِ وحذامِ وقرأ هارون الأعور: بضم النون، شبهه بمنذُ وحيثُ وقطُّ. الآخرون: بإخفاء النون.

واختلف المفسرون في تأويله، فقيل: قسم، وقال ابن عباس: يعني يا إنسان بلغة طيىء عطا: بالسريانية، وقال أبو العالية: يا رجل، وقال سعيد بن جبير: يا محمّد، دليله قوله: { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }.

وقال السيد الحميري:
يا نفس لا تمحضي بالنصح جامدة   على المودة إلاّ آل ياسينا
وقال أبو بكر الوراق: يا سيد البشر.

فإن قيل: لم عدّ { يسۤ } آية ولم يعدطسۤ } [النمل: 1] آية؟

فالجواب أنّطسۤ } [النمل: 1] أشبه قابيل من جهة الزنة والحروف الصحاح و { يسۤ } أوله حرف علة وليس مثل ذلك في الأسماء المفردة، فأشبه الجملة والكلام التام وشاكل ما بعده من رؤوس الآي.

{ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } وهو جواب لقول الكفار: لستَ مرسلاً.

{ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * تَنزِيلَ } قرأ ابن عامر وأهل الكوفة بنصب اللام على المصدر كأنه قال: نزل تنزيلاً، وقيل: على الخروج من الوصف، وقرأ الآخرون بالرفع أي هو تنزيلُ { ٱلْعَزِيزِ }: الشديد المنع على الكافرين { ٱلرَّحِيمِ }: بـ [عباده] وأهل طاعته.

{ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ } في الفترة، وقيل: بما أُنذر آباؤهم { فَهُمْ غَافِلُونَ } عن الإيمان والرشد.

{ لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ } وجب العذاب { عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا } ، نزلت في أبي جهل وأصحابه المخزوميين، وذلك أنّ أبا جهل كان قد حلف لئن رأى محمداً يُصلّي ليرضخن برأسه. فأتاه وهو يُصلي ومعه حجر ليدمغه فلما رفعه أثبتت يده إلى عنقه ولزق الحجر بيده. فلما عاد إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى سقط الحجر، فقال رجل من بني مخزوم: أنا أقتله بهذا الحجر.

فأتاه وهو يُصلي ليرميه بالحجر فأعمى الله بصره فجعل يسمع صوته ولا يراه، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه وقالوا له: ما صنعت؟ فقال: ما رأيته، ولقد سمعت صوته وحال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني، فأنزل الله عز وجل: { إِنَّا جَعَلْنَا }.

{ فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ }: مغلولون، وأصل الإقماح غض البصر ورفع الرأس، يُقال: بعير مقمح إذا رفع رأسه وغض بصره، وبعير قامح إذا أروى من الماء فأقمح.

السابقالتالي
2 3