الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً } * { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } * { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } * { لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ } فطهّره الله سبحانه { مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } كريماً مقبولاً ذا جاه، واختلفوا فيما آذوا به موسى.

فأخبرنا محمّد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرني أبو حامد بن الشرفي، عن محمد ويحيى بن عبد الرحمن بن بشير وأحمد بن يوسف قالوا: أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرني أبو بكر المطيري قال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدب، عن عبد الرزاق، عن معمر عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: " كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض، وكان موسى (عليه السلام) يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلاّ أنّه آدر، فذهب مرّة يغتسل وحده فوضع ثوبه على الحجر ففرّ الحجر بثوبه فجمح في أثره يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر حتى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى فقالوا: والله ما بموسى من بأس، فقام الحجر من بعدما نظروا إليه، فأخذ ثوبه وطفق بالحجر ضرباً ".

قال أبو هريرة: إنّ بالحجر ندباً ستّة أو سبعة أثر ضرب موسى (عليه السلام).

وروى الحسن وابن سيرين عن أبي هريرة في هذه الآية قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " إنَّ موسى كان رجلاً حيّياً ستيراً لا يكاد يُري من جلده شيئاً يستحيي منه،فآذاه مَن آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما يستر هذا الستر إلاّ من عيب بجلده، إمّا برص وإمّا أدرة، فأراد الله أن يبرءه ممّا قالوا: وإنّ موسى خلا يوماً وحده، فوضع ثوبه على حَجر ثمّ اغتسل، فلمّا فرغ من غسله أقبل على ثوبه ليأخذه بَعُد الحجر بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، وجعل يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل،فنظروا إلى أحسن الناس خلقاً وأعدلهم صورة، وإنّ الحجر قام فأخذ ثوبه فلبسه، فطفق بالحجر ضرباً، وقال الملأ: قاتل الله أفّاكي بني إسرائيل فكانت براءته التي برّأه الله منها ".

وقال قوم: كان إيذاؤهم إيّاه ادّعاءهم عليه قتل أخيه هارون.

أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد الفقيه أنّ المعافى بن زكريا القاضي أخبره عن محمد بن جرير بن يزيد الطبري، حدّثني علي بن مسلم الطوسي، عن عبّاد عن سفيان بن حصين،عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن علي بن أبي طالب في قول الله تعالى: { كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ } قال: صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون، فقال بنو إسرائيل: أنت قتلته، وكان أشدّ حبّاً لنا منك وألين لنا منك، فآذوه بذلك، فأمر الله الملائكة فحملته حتى مرّوا به على بني إسرائيل، وتكلّمت الملائكة بموته حتى عرف بنو إسرائيل أنّه مات، فبرّأه الله من ذلك، فانطلقوا به فدفنوه، فلم يطّلع على قبره أحد من خلق الله إلاّ الرّخم فجعله الله أصمّ أبكم.

السابقالتالي
2 3