الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } * { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } * { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } * { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ } متعة الطلاق { وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } فأطعتنهما { فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } قال المفسِّرون: كان أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم سألنه شيئاً من عرض الدنيا وآذينه بزيادة النفقة والغيرة، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآلى أنْ لا يقربهن شهراً، ولم يخرج إلى أصحابه صلوات، فقالوا: ما شأنه؟ فقال عمر: إنْ شئتم لأعلمن لكم ما شأنه فأتى النبي (عليه السلام) فجعل يتكلّم ويرفع صوته حتى أذن له، قال: فجعلت أقول في نفسي: أيّ شيء أُكلِّم به رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعلّه ينبسط؟ فقلت: يا رسول الله لو رأيت فلانة وسألتني النفقة، فصككتها صكّة فقال: ذلك أجلسني عنكم.

فأتى عمر حفصة فقال: لا تسألي رسول الله شيئاً ما كانت لكِ من حاجة فإليّ، قال: ثمّ تتبّع نساء النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يكلِّمهنّ، فقال لعائشة: أيعزّك أنّكِ امرأة حسناء وأنّ زوجك يحبّكِ لتنتهن أو لينزلن فيكنّ القرآن، قال: فقالت له أُمّ سلمة: يابن الخطّاب أوما بقي لك إلاّ أنْ تدخل بين رسول الله وبين نسائه؟ مَن يسأل المرأة إلاّ زوجها؟ فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآيات.

وكانت تحت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأمّ سلمة بنت أبي أمية، وصفية بنت حيي الخيبرية، وميمونة بنت الحرث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحرث المصطلقية، فلمّا نزلت آية التخيير بدأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعائشة، وكانت أحبّهنّ إليه، فخيّرها وقرأ عليها القرآن، فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، فَرؤيَ الفرح في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وتابعنها على ذلك.

قال قتادة: فلمّا اخترن الله ورسوله، شكرهنّ الله على ذلك، وقصره عليهن وقال: (لا يحلّ لك النساء من بعد) الآية.

أخبرنا عبد الله بن حامد عن محمد بن الحسين عن أحمد بن يوسف عن عبدالرزّاق عن معمر، " أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة قالت: لمّا مضت تسع وعشرون ليلة دخل عليَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنّك أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً وإنّك قد دخلت عليَّ من تسع وعشرين أعدّهن، فقال: إنّ الشهر تسع وعشرون، ثمّ قال: يا عائشة إنّي ذاكر لك أمراً فلا عليكِ أنْ لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك " ، قالت: ثمّ قرأ عليَّ هذه الآية: { قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } حتى بلغ { أَجْراً عَظِيماً }.

السابقالتالي
2 3