الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } * { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } * { فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } * { قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } * { وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِي وَٱرْكَعِي مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ }

{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ }: قال ابن عباس: قالت اليهود: نحن أبناء إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ونحن على دينهم ومنهاجهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية: يعني: إنَّ اللَّه اصطفى هؤلاء الَّذين قالوا بالإسلام، وأنتم على غير دين الإسلام، واصطفى (افتعل) من الصفوة وهو الخالص من كل شيء، يعني: اختاروا واستخلصوا آدم أبو البشر ونوحاً شيخ المرسلين، وآل إبراهيم وآل عمران.

قال بعضهم: أراد بآل إبراهيم وآل عمران: إبراهيم وعمران نفسهما، كقوله عزَّ وجلَّ:وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ } [البقرة: 248]: يعني موسى وهارون (عليهم السلام).

قال الشاعر:
ولاتبك ميتاً بعد ميّت أحبّه   علي وعبّاس وآل أبي بكر
يعني: أبا بكر.

قال الباقون: آل إبراهيم: إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وإنَّ محمَّداً (عليه السلام) من آل إبراهيم وآل عمران.

وقال مقاتل: هو عمران بن يصهر بن فاهاث بن لاوي بن يعقوب وآله موسى وهارون.

قال الحسن ووهب بن منبه: هو عمران بن أشهم بن أمون من ولد سليمان بن داود وآله مريم وعيسى.

وقيل: هو عمران بن ماتان، وامرأته حنّة، وخصّه من الأنبياء؛ لأنَّ الأنبياء والرسُل بقضَّهم وقضيضهم من نسلهم. { عَلَى ٱلْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً }: نصب على حال قاله الأخفش.

الفرّاء على [القطع]؛ لأنَّ الذريَّة نكرة وآل إبراهيم وآل عمران معرفة.

الزجَّاج: نصبٌ على البدل. وقيل: على النكرة أي اصطفى ذريَّة { بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ }: وقيل: على الحال أي بعضها من ولد بعض. وقال أبو روق: بعضها على دين بعض.

{ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }: قال الحروي: لمَّا مات الحسن البصري وكان مماته عشية الجمعة، فلمَّا صلَّى النَّاس الجمعة حملوه، فلم (تترك الصلاة) في المسجد الجامع بالبصرة منذ كان الإسلام إلاَّ يوم ممات الحسن، فإن الناس إتَّبعوا جنازته فلم يبق أحد يصلَّي في المسجد صلاة العصر.

قال الجزائري: سمعت منادياً ينادي: { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } ، وإصطفى الحسن البصري على أهل زمانه.

الأعمش عن أبي وائل، قال: قرأت في مصحف عبد اللَّه بن مسعود: إنَّ اللَّه إصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران، فقال ابن عباس ومقاتل: هو عمران بن مايان وليس هو بعمران أبو موسى وبينهما ألف وثلثمائة سنة، وكان بنو مايان رؤوس بني إسرائيل وأحبارهم وملوكهم.

وقال ابن إسحاق: هو عمران بن أشهم بن آمون بن ميثا بن حوقتا بن إحرين ين يونام بن عواريا بن إمضيا بن ياوس بن جربهوا بن يارم بن صف شاط بن لمساين بن يعمر بن سليمان بن داود (عليه السلام).

{ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً }: أي جعلت الذي في بطني محرَّرا نذراً منَّي لك، والنذر: ما أوجبه الانسان على نفسه بشريطة كان ذلك أو بغير شريطة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد