الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ } * { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

{ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ }: أُخبركم.

{ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ }: الذي ذكرت تم الكلام ههنا: ثم ابتدأ فقال: { لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ }: تقع خبر حرف الصلة.

{ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ }: قرأ العامة بكسر الراء. وروى أبو بكر عن عاصم: بضم الراء من الرضوان في جميع القرآن وهو لغة قيس وغيلان، وهما لغتان كالعِدوان والعُدوان والطِغيان والطُغيان.

زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عزَّ وجل لأهل الجنة: " يا أهل الجنة فيقولون: لبيك ربَّنا وسعديك والخير في يديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقول: ما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحد من خلقك ".

فيقول: " ألا أعطكم أفضل من ذلك " فيقولون: وأيُّ شيءٌ أفضل من ذلك؟ قال: " أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً ".

{ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ }: إن شئت جعلته محل (الذين) على الجر رداً على قوله { لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا }. وإن شئت رفعته على الابتداء كقولهإِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } [التوبة: 111]. ثم قال في صفتهم مبتدئاًٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ } [التوبة: 112].

{ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا } صدَّقنا.

{ فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا }: أسترها علينا وتجاوزها عنا.

{ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } { ٱلصَّابِرِينَ }: في اداء الامر، وعن ارتكاب الزنى وعلى البأساء والضرَّاء وحين البأس. وإن شئت نصبتها وأخواتها على المدح، وإن شئت خفضتها على النعت.

{ وَٱلصَّادِقِينَ }: في إيمانهم، قال قتادة: هم قوم صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وألسنتهم فصدقوا في السر والعلانية { وَٱلْقَانِتِينَ }: المطيعين المصلين.

{ وَٱلْمُنْفِقِينَ }: أموالهم في طاعة الله.

وعن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ للهِ ملكاً ينادي: اللهم اعط مُنفقاً خلفاً، واعطِ ممسكاً تلفاً ".

{ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ }: قال مجاهد، والضحاك، وقتادة، والكلبي، والواقدي: يعني المصلين بالاسحار. نظير قوله:وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات: 18] أي يصلَّون.

وقال يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي الزهري قال: قلت لزيد بن اسلم: من المستغفرين بالأسحار؟ قال: هم الذين يشهدون الصبح.

وكذلك قال ابن كيسان: يعني صلاة الصَّبح في المسجد.

وقال الحسن: صلَّوا الصلاة إلى السحر ثم استغفروا.

قال نافع: كان ابن عمي يُحيي الليل، ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: لا، فيعاود الصلاة، وإذا قلت: نعم، فيستغفر الله ويدعوا حتى الصبح.

وروى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال: سمعتُ رجلاً في السحر يتهجّد في المسجد وهو يقول: ربَّ أمرتني فأطعتك، وهذا سَحَر فاغفر لي. فنظرتُ فإذا هو ابن مسعود (رضي الله عنه).

وروى صالح وحماد بن سلمة عن ثابت وأبان وجعفر بن زيد عن أنس بن مالك قال:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8