الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ } * { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ } * { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ }

{ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا } الآية، هذا تعزية من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين على ما أصابهم من القتل والجرح يوم أُحد، وحثّ منه إياهم على قتال عدوهم، ونهي عن العجز والفشل فقال: { وَلاَ تَهِنُوا } أي ولا تضعفوا ولا تخيبوا يا أصحاب محمد على جهاد أعدائكم بما قاتلوكم يوم أُحد من القتل والقرح { وَلاَ تَحْزَنُوا } على ظهور أعدائكم وعلى ما أصابكم من المصيبة والهزيمة، وكان قد قتل يومئذ خمسة من المهاجرين: حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن جحش ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان بن شماس وسعد مولى عتبة، ومن الأنصار سبعون رجلا.

{ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } أي لكم تكون العاقبة والنصر والظفر.

{ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } يعني إذ كنتم، ولأنكم مؤمنون.

قال ابن عباس: " انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعب فبينا هم كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بخيل المشركين يريد أن يعلوا عليهم الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم لا تعَلُ علينا اللهم لا قوة لنا إلاّ بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر " فأنزل الله تعالى هذه الآية، " فثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا الجبل، فرموا خيل المشركين حتى هزموهم وعلا المسلمون الجبل، فذلك قوله: { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ }.

وقال الكلبي: نزلت هذه الآية بعد يوم أُحد، حين " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بطلب القوم وقد أصابهم من الجراح ما أصابهم، وقال صلى الله عليه وسلم «لا يخرج إلاّ من شهد معنا بالأمس " واشتد ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية، " ودليله قوله عزّ وجلّ:وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ } [النساء: 104] الآية.

وقيل: (ولا تهنوا) لما نالكم من الهزيمة (ولا تحزنوا) على ما فاتكم من الغنيمة (إن كنتم مؤمنين) بقضاء الله ووعده.

{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ } الآية.

قال راشد بن سعد: " لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم كئيباً حزيناً جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها وأبيها مقتولين وهي تلدم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أهكذا يفعل برسولك؟ " فأنزل الله تعالى { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ } " جرح يوم أُحد { فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ } يوم بدر.

وقرأ محمد بن السميقع: قَرَح بفتح القاف والراء على المصدر.

وقرأ الأعمش وعاصم وحمزة والكسائي وخلف: بضم القاف حيث كان، وهي قراءة ابن مسعود.

وقرأ الباقون: بفتح القاف، وهي قراءة عائشة واختيار أبي عبيدة وأبي حاتم، قالا: لأنهما لغة تهامة والحجاز، لغتان مثل الجُهد والوَجد والوُجد.

السابقالتالي
2 3 4 5 6