الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ } * { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ }

{ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا }: أي ويقول الراسخون كقوله في آخر السورة:وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَا } أي ويقولون { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا } لا تملها عن الحق والهدى، كما ازغت قلوب اليهود والنصارى، والذين في قلوبهم زيغ.

يُقال: زاغ يزيغ ازاغة إذا مال.

وزاغ تزيغ زيغاً وزيوغاً وزيغاناًاذا حال.

{ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }: وفقنا لدينك، والإيمان بالمحكم والمتشابه من كتابك.

{ وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً }: وآتنا من لدنك رحمة وتوفيقاً وتثبيتاً للذي نحن عليه من الهدى والإيمان.

وقال الضحاك: تجاوزاً ومغفرة الصدَّق (.....) على شرط السنة.

{ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ }: تعطي. وفي الآية ردَّ على القدرية.

وروى عن أسماء بنت يزيد: " أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يُكثر في دعائه: " اللهم (يا) مقلَّب القلوب ثبَّت قلبي على دينك ".

قالت: فقلتُ: يا رسول اللّه وإنَّ القلوب لتقلب؟ قال: نعم ما خلق اللّه من بني آدمَّ من بشر إلاّ وقلبه بين اصبعين من أصابع الله عزّ وجلّ فإن شاء أزاغه، وإن شاء أقامه على الحق، فنسأل اللّه تعالى أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسألهُ أن يهبْ لنا من لدنه رحمةً إنَّهُ هو الوهاب.

قالت: قلت: يا رسول اللّه ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟

قال: بلى قولي: " اللهم ربَّ محمّد النبي،اغفر لي ذنبي، واذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلاّت الفتن ما أحييتني ". وعن أبي موسى الأشعري قال: وإنما مثلُ القلب مثل ريشة بفلاة من الأرض.

خالد بن معدان عن أبي عبيدة بن الجراح: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ قلب ابن آدم مثل العصفور يتقلب في اليوم سبع مرات.

{ رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ }: (بالبعث ليوم القيامة) وقيل: اللام بمعنى في أيَّ يوم.

{ لاَّ رَيْبَ فِيهِ }: لا شك فيه وهو يوم القيامة (... ) عندما قرأ الآية (... ) ولذلك انصرف عن الخطر الى الخبر.

{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَاد } وهو مفعال من الوعد.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ } قرأ السلمي (يغني) بالياء المتقدمة من الفعل ودخول (الحائل) بين الاسم والفعل.

وقرأ الحسن (لن يغني) بالياء وسكون الياء الأخيرة كقول الشاعر:
كفى باليأس من أسماء كافي   وليس لسقمها إذا طال شافي
وكان حقّه أن يقول: كافياً، فأرسل الياء، وأنشد الفرّاء في مثله:
كأن أيديهنّ بالقاع القرق   أيدي جوار يعاطين الورق
القرق والقرقة لغتان في القاع.

ومعنى قوله (لن يغني): أي لن ينفع، ولن يدفع وإنما سمى المال غنى؛ لأنه ينفع الناس ويدفع عنهم الفقر والنوائب.

{ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8