الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } * { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } * { بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ }

{ أَمَّنْ } قال أبو حاتم: فيه إضمار كأنّه قال: آلهتكم خير أم الذي { خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } حُسْن.

{ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } هو (مَّا) النفي، يعني ما قدرتم عليه { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على ذلك، ثمّ قال: { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } يشركون { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } لا تميد بأهلها { وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ } وسطها { أَنْهَاراً } تطّرد بالمياه { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } جبالا ثوابت { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } العذب والملح { حَاجِزاً } مانعاً لئلاّ يختلطا ولا يبغي أحدهما على صاحبه، وقيل: أراد الجزائر { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } أي المجهود، عن ابن عباس وقال السدّي: المضطرّ الذي لا حول له ولا قوّة، ذو النون هو الذي قطع العلائق عمّا دون الله، أبو حفص وأبو عثمان النيسابوريّان: هو المفلس.

وسمعت أبو القاسم الحسن بن محمّد يقول: سمعت أبا نصر منصور بن عبدالله الأصبهاني يقول: سمعت أبا الحسن عمر بن فاضل العنزي يقول: سمعت سهل بن عبدالله التستري يقول: { ٱلْمُضْطَرَّ } الذي إذا رفع يديه إلى الله داعياً لم يكن له وسيلة من طاعة قدّمها { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } أي الضرّ { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ } يهلك قرناً وينشئ آخرين { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } إذا سافرتم.

{ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } قدّام رحمته { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } للبعث { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } المطر { وٱلأَرْضِ } النبات { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } حجّتكم على قولكم إنّ مع الله إلهاً آخر { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَاواتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } نزلت في المشركين حيث سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة.

قال الفرّاء: وإنّما رفع ما بعد { إِلاَّ } لأنّ قبلها جحداً كما يقال: ما ذهب أحد إلاّ أبوك { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ } متى { يُبْعَثُونَ } قالت عائشة: مَن زعم أنّه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله عزّ وجل يقول: { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَاواتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ }.

أخبرنا أبو زكريا الحري قال: أخبرنا أبو حامد الأعمشي قال: حدّثنا علي بن حشرم قال: حدّثنا الفضل بن موسى، عن رجل قد سمّاه قال: كان عند الحجّاج بن يوسف منجّم، فأخذ الحجّاج حصيّات بيده قد عرف عددها فقال للمنجّم: كم في يدي؟ فحسب، فأصاب المنجّم، ثمّ اعتقله الحجّاج فأخذ حصيات لم يعددهنّ، فقال للمنجّم: كم في يدي؟ فحسب، فحسب، فأخطأ ثمّ حسب أيضاً، فأخطأ، فقال: أيّها الأمير أظنّك لا تعرف عددها في يدك.

السابقالتالي
2