الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } * { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ } أي في الدنيا { آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا } ثمرها { هَضِيمٌ }. قال ابن عباس: لطيف مادام في كفراه، ومنه قيل: هضيم الكشح إذا كان لطيفاً، وهضمَ الطعام إذا لطف واستحال على شكله، عطيّة عنه: يانع نضيج، قتادة وعكرمة: الرطب الليّن، الحسن: رخو.

وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شبنة قال: حدّثنا ابن ماهان قال: حدّثنا الطنافسي قال: حدّثنا وكيع عن سلام عن أبي إسحاق عن أبي العلاء، طلعها هضيم قال: مذنّب، مجاهد: متهشم متفتت وذلك حين يطلع يفيض عليه فيهضمه، وهو مادام رطباً فهو هضيم فإذا يبس فهو هشيم، أبو العالية: يهشهش في الفم. الضحاك ومقاتل: متراكم ركب بعضه بعضاً حتى هضم بعضه بعضاً، وأصله من الكسر.

{ وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } قرأ أهل الشام والكوفة فارهين بالألف، وهي قراءة أصحاب عبد الله واختيار أبي عبيد أي حاذقين بتخيّرها.

وقال عطيّة وعبد الله بن شداد: متخيرين لمواضع نحتها، وقرأ الباقون: فرهين بغير ألف وهو اختيار أبي حاتم. واختلفوا في معناه فقال ابن عباس: أشرين، الضحّاك: كيّسين، قتادة: معجبين بصنعكم، مجاهد: شرهين، عكرمة: ناعمين، السدّي: متحيرين، ابن زيد: أقوياء، الكسائي: بطرين، أبو عبيدة: فرحين، الأخفش: فرحين، والعرب تعاقب بين الحاء والهاء مثل: مدحته ومدهته، ويجوز أن يكون فرهين وفارهين بمعنى واحد مثل قولهعِظَاماً نَّخِرَةً } [النازعات: 11] وناخرة، ونحوها.

{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } المشركين { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ * قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } أي المسحورين المخدوعين عن مجاهد وقتادة.

وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: من المعلّلين بالطعام والشراب، وأنشد الكلبي قول لبيد:
فإنْ تسألينا فيم نحن فإننّا   عصافير من هذا الأنام المسحّر
وقال آخر:
ويسحر بالطعام وبالشراب   
أي يعلّل ويخدع، وهو على هذين القولين من السِّحر بكسر السين.

وقال بعضهم: من السَّحر بفتح السين أي أصحاب الرؤية، يدلّ عليه قوله { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ } على صحة ما يقول { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ * قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ } حظ ونصيب من الماء { وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } بعقر { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ } على عقرها حين رأوا العذاب.

{ فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }.