{ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ ٱلْبَاقِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ * كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } على الرسالة، وقال الكلبي: أمين فيكم قبل الرسالة فكيف تتّهموني اليوم؟ { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ }. قال الوالبي عن ابن عباس: بكل شرف. قتادة والضحّاك ومقاتل والكلبي: طريق، هي رواية العوفي عن ابن عباس. ابن جريج عن مجاهد: هو الفجّ بين الجبلين. ابن أبي نجيح عنه: هو الثقبة الصغيرة وعنه أيضاً عكرمة: واد. مقاتل بن سليمان: كانوا يسافرون ولا يهتدون إلاّ بالنجوم فبنوا على الطرق أميالاً طوالاً عبثاً ليهتدوا بها، يدلّ عليه قوله { آيَةً } أي علامة. وروي عن مجاهد أيضاً قال: الريع بنيان الحمام، دليلهُ وقوله { تَعْبَثُونَ } أي تلعبون، أبو عبيد: هو المكان المرتفع، وأنشد لذي الرمّة:
طراق الخوافي مشرف فوق ريعه
ندى ليلة في ريشه يترقرق
وفيه لغتان رِيع ورَيع بكسر الراء وفتحها وجمعهُ أرياع وريعه. { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ }. قال ابن عباس ومجاهد: قصور مشيّدة معمر عنه: الحصون. ابن أبي نجيح عنه: بروج الحمام، قتادة: مآخذ للماء، الكلبي: منازل، عبد الرزاق: المصانع عندنا بلغة اليمن: القصور العاديّة واحدتها مصنع. { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } قال ابن عباس وقتادة: يعني كأنكّم تبقون فيها خالدين، ابن زيد: لعلّ استفهام، يعني فهل تخلدون حين تبنون هذه الأشياء؟ الفرّاء: كيما تخلدون. { وَإِذَا بَطَشْتُمْ } أي سطوتم وأخذتم { بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } قتّالين من غير حقّ. قال مجاهد: قتلاً بالسيف وضرباً بالسوط، والجبّار: الذي يقتل ويضرب على الغضب. { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ }. ثمَّ ذكر ما أعطاهم فقال { أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ }. روى العباس عن ابن عمير، وواقد عن الكسائي بإدغام الطاء في التاء، الباقون: بالإظهار وهو الاختيار. { أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ * إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } قرأ أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وأيّوب وأبي عبيد وأبي حاتم بفتح الخاء، لقوله{ وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } [العنكبوت: 17] وقوله{ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } [ص: 7] ومعناه: إن هذا إلاّ دأب الأوّلين وأساطيرهم وأحاديثهم، وقرأ الباقون: بضم الخاء واللام أي عبادة الأوّلين من قبلنا، يعيشون ماعاشوا ثمّ يموتون ولا بعث ولا حساب، وهذا تأويل قتادة. { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }.