الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ } * { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } * { وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ } * { فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَٱلْغَاوُونَ } * { وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } * { قَالُواْ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ } * { تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلاَّ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ } * { وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ } * { فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

{ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } خالص من الشرك والشك، فأمّا الذنوب فليس يسلم منها أحد هذا قول أكثر المفسّرين.

وقال سعيد بن المسيّب: القلب السليم هو الصحيح، وهو قلب المؤمن لأنّ قلب الكافر والمنافق مريض، قال الله سبحانهفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } [البقرة: 10].

وقال أبو عثمان النيسابوري: هو القلب الخالي من البدعة، المطمئن على السنّة.

وقال الحسين بن الفضل: سليم من آفة المال والبنين.

وقال الجنيد: السليم في اللغة اللديغ فمعناه: كاللّديغ من خوف الله.

{ وَأُزْلِفَتِ } وقُرّبت { ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ } وأُظهرت { ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } للكافرين { وَقِيلَ لَهُمْ } يوم القيامة { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ } لأنفسهم { فَكُبْكِبُواْ فِيهَا }.

قال ابن عباس: جمعوا، مجاهد: ذهبوا، مقاتل: قذفوا، وأصله كببوا فكررت الكاف فيه مثل قولك: تهنهني وريح صرصر ونحوهما.

{ هُمْ وَٱلْغَاوُونَ } يعني الشياطين، عن قتادة ومقاتل، الكلبي: كَفَرة الجن.

{ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } وهم أتباعه ومن أطاعهُ من الجن والإنس قالوا للشياطين والمعبودين { تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم } نعدلكم { بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فنعبدكم من دونه { وَمَآ أَضَلَّنَآ } أي دعانا إلى الضلال وأمرنا به { إِلاَّ ٱلْمُجْرِمُونَ } يعني الشياطين، عن مقاتل، والكلبي: أوّلونا الذين اقتدينا بهم، أبو العاليه وعكرمة: يعني إبليس وابن آدم القاتل؛ لأنه أوّل مَن سنَّ القتال وأنواع المعاصي.

{ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ } قريب ينفعنا ويشفع لنا، وذلك حين يشفع الملائكة والنبيّون والمؤمنون.

أخبرني الحسين بن محمد الفنجوي قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن علي اليقطيني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يزيد العقيلي قال: حدّثنا صفوان بن صالح قال: حدّثنا الوليد بن مسلم قال: حدّثنا من سمع أبا الزبير يقول: أشهد لسمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنَّ الرجل ليقول في الجنة: ربّ ما فعل صديقي فلان وصديقه في الحميم؟ فيقول الله سبحانه: أخرجوا له صديقه الى الجنة فيقول مَنْ بقي { فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ } ".

وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبة قال: حدّثنا سمعان بن أبي مسعود قال: حدّثنا المضّاء بن الجارود قال: حدّثنا صالح المرّي عن الحسن قال: ما اجتمع ملأ على ذكر الله تعالى فيهم عبد من أهل الجنة إلاّ شفّعه الله فيهم وإنّ أهل الإيمان شفعاء بعضهم في بعض، وهم عند الله شافعون مشفّعون.

{ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } رجعة الى الدنيا تمنّوا حين لم ينفعهم { فَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }.