{ وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ } خالق على الاسم كوفي غير عاصم،الباقون: خَلَق كلّ دابّة على الفعل { مِّن مَّآءٍ } أي من نطفة، وقيل: إنما قال { مِّن مَّآءٍ } لأنَّ أصل الخلق من الماء، ثم قلب بعض الماء الى الريح فخلق منها الملائكة، وبعضه إلى النار فخلق منه الجن، وبعضه إلى الطين فخلق منه آدم. { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ } كالحيّات والحيتان { وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ } كالطير { وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ } قوائم كالأنعام والوحوش والسباع ولم يذكر ما يمشي على أكثر من أربع لأنّه كالذي يمشي على أربع في رأي العين. { يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } كما يشاء { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (*) لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (*) وَيَِقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا } يعني المنافقين { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } ويدعو الى غير حكم الله. قال الله سبحانه وتعالى { وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } نزلت هذه الآيات في بشر المنافق وخصمه اليهودي حين اختصما في أرض فجعل اليهودي يجرّه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، وجعل المنافق يجرّه الى كعب بن الأشرف ويقول: إنّ محمّداً يحيف علينا، فذلك قوله { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } الرسول بحكم الله { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } مطيعين منقادين لحكمه { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ } يعني أنّهم كذلك فجاء بلفظ التوبيخ ليكون أبلغ في الذمّ، كقول جرير في المدح:
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راح
يعني أنتم كذلك. { أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } أي يظلم { بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } لأنفسهم بإعراضهم عن الحق والواضعون المحاكمة في غير موضعها. { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } أي الى كتاب الله { وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } نصب القول على خبر كان واسمه في قوله { أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون * وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ } وذلك أنّ المنافقين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أينما كنت نكن معك، إن أقمت أقمنا وإن خرجت خرجنا وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا، فقال الله سبحانه { قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ } أي هذه طاعة بالقول واللسان دون الاعتقاد فهي معروفة منكم بالكذب أنكم تكذبون فيها، وهذا معنى قول مجاهد، وقيل: معناه طاعة معروفة أمثل وأفضل من هذا القسم الذي تحنثون فيه. { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من طاعتكم ومخالفتكم. { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ } عن طاعة الله ورسوله والاذعان بحكمهما { فَإِنَّمَا عَلَيْهِ } أي على الرسول { مَا حُمِّلَ } كُلّف وأُمر به من تبليغ الرسالة { وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ } من طاعته ومتابعته { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ }.