الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } * { ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ } صلح وطهر من هذا الذنب، وقرأ ابن محيص ويعقوب: زكّى بالتشديد أي طهّر، دليلها قوله سبحانه وتعالى { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي } يطهّر { مَن يَشَآءُ } من الإثم والذنب بالرحمة والمغفرة { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه قال: حدَّثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك قال: حدّثنا علي بن زنجويه قال: حدَّثنا سعيد بن سيف التميمي قال: حدَّثنا غالب بن تميم السعدي قال: حدَّثنا خالد بن جميل عن موسى بن عقبة المديني عن أبي روح الكلبي عن حر بن نصير الحضرمي عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيّما رجل شدّ عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها فهو في ظلّ سخط الله سبحانه حتى ينزع، وأيّما رجل حال في شفاعة دون حدّ من حدود الله تعالى أن يقام فقد كايد اللّه حقّاً وحرص على سخطه وأن عليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة، وأيّما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء يريد أن يشينه بها في الدنيا كان حقّاً على الله أن يذيبه في النار، وأصله في كتاب الله سبحانه { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ } الآية ".

{ وَلاَ يَأْتَلِ } ولا يحلف، هذه قراءة العامة وهو يفتعل من الأليّة وهي القَسَم، وقال الأخفش: وإن شئت جعلته من قول العرب: ما ألوت جهدي في شأن فلان أي ما تركته، وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو مخلد السدوسي وأبو جعفر وزيد بن أسلم (ولا يُتأل) بتقديم التاء وتأخير الهمزة وهو يفتعل من الألية والالو.

{ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ } يعني أبا بكر الصدّيق { أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني مسطحاً،وكان مسكيناً مهاجراً بدرياً، وكان ابن خالة أبي بكر رضي الله عنه.

{ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ } عنهم خوضهم في أمر عائشة.

وروت أسماء بنت يزيد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { ولتعفوا ولتصفحوا } بالتاء.

{ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }. فلمّا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر قال: بلى أنا أُحب أن يغفر الله لي، ورجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبداً.

وقال ابن عباس والضحّاك: أقسم ناس من الصحابة فيهم أبو بكر أَلاّ يتصدقوا على رجل تكلّم بشيء من الإفك ولا ينفعونهم فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ } عن الفواحش وعما قذفن به كغفلة عائشة عمّا فيها { ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ } عُذبّوا { فِي ٱلدُّنْيَا } بالجلد وفي الآخرة بالنار { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } واختلف العلماء في حكم الآية، فقال قوم: هي لعائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر المؤمنات.

السابقالتالي
2 3