الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } * { فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } * { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } * { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } * { فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ } * { نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ }

{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ } تعظّموا عن الإيمان { وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ } متكّبرين، قاهرين غيرهم بالظلم، نظيرهاإِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [القصص: 4].

{ فَقَالُوۤاْ } يعني فرعون وقومه { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } فنتّبعهما { وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ } مطيعون متذللّون، والعرب تسمّي كلّ من دان لملك عابداً له، ومن ذلك قيل لأهل الحيرة: العباد لأنّهم كانوا أهل طاعة لملوك العجم.

{ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } بالغرق { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } التوراة { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } لكي يهتدي بها قومه فيعملوا بما فيها { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } دلالة على قدرتنا، وكان حقّه أن يقول آيتين كما قال الله سبحانهوَجَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ } [الإسراء: 12] واختلف النحاة في وجهها، فقال بعضهم: معناه: وجعلنا كل واحد منهما آية كما قال سبحانهكِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } [الكهف: 33] أي آتت كلّ واحدة أُكلها وقالإِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلأَنصَابُ وَٱلأَزْلاَمُ رِجْسٌ } [المائدة: 90] ولم يقل أرجاس، وقال بعضهم: معناه: جعلنا شأنهما واحداً لأنّ عيسى ولد من غير أب، وأُمّه ولدت من غير مسيس ذكر. { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }.

أخبرنا أبو صالح منصور بن أحمد المشطي قال: أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبد الله الرازي قال: أخبرنا سلمان بن علي قال: أخبرنا هشام بن عمار قال: حدّثنا عبد المجيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن سلام في قول الله سبحانه { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } قال: دمشق، وقال أبو هريرة: هي الرملة، قتادة وكعب: بيت المقدس، قال كعب: وهي أقرب الأرض الى السماء بثمانية عشر ميلاً. ابن زيد: مصر، الضحّاك: غوطة دمشق، أبو العالية: إيليا وهي الأرض المقدسة، ويعني بالقرار الأرض المستوية والساحة الواسعة، والمعين: الماء الظاهر لعين الناظر، وهو مفعول من عانه يعينه إذا أدركه البصر ورآه، ويجوز أن يكون فعيلاً مَعَنَ يمعن فهو مَعين من الماعون.

{ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } يعني من الحلالات، يعني: وقلنا لعيسى: كلوا من الطيبات، وهذا كما يقال في الكلام للرجل الواحد: أيّها القوم كفّوا عنّا أذاكم، ونظائرها في القرآن كثيرة. قال عمرو بن شريل: كان يأكل من غزل أُمّه، وقال الحسن ومجاهد: المراد به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَـٰذِهِ } قرأه أهل الكوفة بكسر الألف على الابتداء، وقرأ ابن عامر بفتح الألف وتخفيف النون جعل إنّ صلة مجازه: وهذه أُمتّكم، وقرأ الباقون بفتح الألف وتشديد النون على معنى هذه، ويجوز أن يكون نصباً بإضمار فعل، أي واعلموا أنّ هذه { أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي ملّتكم ملّة واحدة وهي دين الإسلام.

السابقالتالي
2