الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } * { لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } * { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } * { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } * { أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } * { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } * { قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } * { إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ } * { إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ }

{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } يعني هؤلاء المشركين، وذلك حين ينقطع عن الدنيا ويعاين الآخرة قبل أن يذوق الموت.

{ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ } ولم يقل ارجعني وهو خطاب الواحد على التعظيم كقوله (إنّا نحن) فخوطب على نحو هذا كما ابتدأ بلفظ التعظيم.

وقال بعضهم: هذه المسألة إنما كانت منهم للملائكة الذين يقبضون روحه، وإنما ابتدأ الكلام بخطاب الله سبحانه لأنهم استغاثوا أولاً بالله سبحانه ثم رجعوا الى مسألة الملائكة الرجوع الى الدنيا.

{ لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } صنعت { كَلاَّ } أي لا يرجع إليها، وهي كلمة ردع وزجر { إِنَّهَا } يعني سؤاله الرجعة { كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا } ولا ينالها.

" روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا: نرجعك الى الدنيا؟ فيقول: الى دار الهموم والأحزان؟ بل قدما إلى الله عزَّ وجلّ، وأمّا الكافر فيقول { رَبِّ ٱرْجِعُونِ } الآية ".

{ وَمِن وَرَآئِهِمْ } أمامهم { بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أي حاجز بين الموت والرجوع الى الدنيا عن مجاهد، ابن عباس: حجاب، السدّي: أجل، قتادة: بقيّة الدنيا، الضحّاك وابن زيد: ما بين الموت إلى البعث، أبو أمامة: القبر، وقيل: الإمهال لا يفتخرون بالأنساب في الآخرة كما كانوا يفتخرون.

{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }.

قال أبو العالية: هو كقولهوَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [المعارج: 10].

وقال ابن جريج: معنى الآية لا يُسأل أحد يومئذ شيئاً بنسب ولا يتساءلون، لا يمتّ إليه برحم، واختلف المفسّرون في المراد بقوله { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ } أىّ النفختين عنى؟ فقال ابن عباس: هي النفخة الأُولى.

أخبرني ابن فنجويه بقراءتي عليه قال: حدَّثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب قال: حدَّثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرَّحْمن بن أبي عوف قال: حدَّثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحّراني قال: حدَّثنا محمد بن سلمة بن أبي عبد الرحيم قال: حدّثني زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس، قوله سبحانه { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } فهذه في النفخة الاولىوَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } [الزمر: 68] { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [الزمر: 68]وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَآءَلُون } [الصافات: 27].

وقال ابن مسعود: هي النفخة الثانية. أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه قال: حدَّثنا عبيد الله بن محمد بن شيبة قال: حدَّثنا جعفر بن محمد الفريابي قال: حدَّثنا يزيد بن موهب الرملي قال: حدَّثنا عيسى بن يونس عن هارون بن أبي وكيع قال: سمعت زاذان أبا عمر يقول: دخلت على ابن مسعود فوجدت أصحاب الخز واليمنة قد سبقوني إلى المجالس، فناديته، يا عبد الله بن مسعود من أجل أنّي رجل أعجمي أدنيتَ هؤلاء وأقصيتني؟ فقال: ادنُ، فدنوت حتى ما كان بيني وبينه جليس، فسمعته يقول: يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأوّلين الآخرين ثمَّ ينادي مناد: هذا فلان ابن فلان فمن كان له قِبَله حقّ فليأتِ إلى حقّه، فتفرح المرأة أن يدور لها الحقّ على أبيها أو على زوجها أو على ابنها أو على أُختها، ثم قرأ ابن مسعود { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }

قال: فيقول الله سبحانه: آت هؤلاء حقوقهم، فيقول: ربّ فنيت الدنيا، فيقول للملائكة: خذوا من أعماله فأعطوا كلّ إنسان بقدر طلبته، فإن كان ولياً لله عزَّ وجل وفضلت له من حسناته مثقال حبّة من خردل ضاعفها حتى يدخله بها الجنة، ثم قرأ ابن مسعود:

السابقالتالي
2 3