{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } مكي وبصري: يدفع، غيرهم: يدافع، ومعناه: إنّ الله يدفع غائلة المشركين. { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ } في أمانة الله { كَفُورٍ } لنعمته. { أُذِنَ } قرأ أهل المدينة والبصرة وعاصم أُذن بضم الألف، وقرأ الباقون بفتحه أي أذن الله { لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ } قرأ أهل المدينة والشام بفتح التاء يعنون المؤمنين الذين يقابلهم المشركون، وقرأ الباقون بكسر التاء يعني إنّ الذين أُذن لهم بالجهاد يقاتلون المشركين { بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }. قال المفسّرون: كان مشركو أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزالون يجيئون من بين مضروب ومشجوج، فيشكونهم إلى رسول الله فيقول لهم: اصبروا فإنّي لم أُؤمر بالقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فأنزل الله سبحانه هذه الآية وهي أول آية أذن الله فيها بالقتال. وقال ابن عباس: لما أُخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيّهم،إنا لله وإنّا إليه راجعون، لنهلكنّ، فأنزل الله سبحانه { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ } الآية، قال أبو بكر: فعرفت أنّه سيكون قتال. وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في قوم بأعيانهم خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة فكانوا يمنعون من الهجرة، فأذن الله تعالى لهم في قتال الكفّار الذين يمنعونهم من الهجرة. { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ } بدل من الذين الأُولى، ثمّ قال { إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ } يعني لم يخرجوا من ديارهم إلاّ لقولهم ربّنا الله وحده، فيكون أنْ في موضع الخفض رّداً على الباء في قوله { بِغَيْرِ حَقٍّ } ويجوز أنْ يكون في موضع نصب على وجه الاستثناء. { وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } بالجهاد وإقامة الحدود وكفّ الظلم { لَّهُدِّمَتْ } قرأ الحجازيّون بتخفيف الدال، والباقون بالتشديد على الكسر أي تخرّبت { صَوَامِعُ } قال مجاهد والضحاك: يعني صوامع الرهبان، قتادة: صوامع الصابئين. { وَبِيَعٌ } النصارى، ابن أبي نجيح عن مجاهد: البيع: كنائس اليهود، وبه قال ابن زيد. { وَصَلَوَاتٌ } قال ابن عباس وقتادة والضحاك: يعني كنائس اليهود ويسمّونها صَلُوتاً. أبو العالية: هي مساجد الصابئين. ابن أبي نجيح عن مجاهد: هي مساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام بالطريق، وعلى هذه الأقاويل تكون الصلوات صلوات أهل الإسلام تنقطع إذا دخل عليهم العدوّ، انقطعت العبادة وهُدمت المساجد كما صنع بخت نصّر. { وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً } يعني مساجد المسلمين، وقيل: تأويلها: لهدمت صوامع وبيع في أيام شريعة عيسى، وصلوات في أيام شريعة موسى، ومساجد في أيام شريعة محمد صلّى الله عليهم أجمعين. وقال الحسن: يدفع عن هدم مصليات أهل الذّمة بالمؤمنين، فإن قيل: لم قدّم مصليات الكافرين على مساجد المسلمين؟ قلنا: لأنها أقدم، وقيل: لقربها من الهدم، وقرب المساجد من الذكر كما أخّر السابق في قوله