الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } * { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } * { يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } * { يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } * { مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } * { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئِينَ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ }

{ ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } نزلت في النضر بن الحرث، كان كثير الجدال فكان يقول: الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، ويزعم أنّ الله غير قادر على إحياء من قد بلي وعاد تراباً.

قال الله سبحانه { وَيَتَّبِعُ } في قيله ذلك وجداله في الله بغير علم { كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ } قضي عليه، على الشيطان { أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ } اتّبعه { فَأَنَّهُ } يعني الشيطان { يُضِلُّهُ } يعني يضلّ من تولاه { وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } وتأويل الآية: قضي على الشيطان أنّه يضلّ أتباعه ويدعوهم إلى النار.

ثمّ ألزم الحجّة منكري البعث فقال عزَّ من قائل { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ } يعني أباكم آدم الذي هو أصل النسل ووالد البشر { مِّن تُرَابٍ } ثم ذرّيته { مِن نُّطْفَةٍ } وهو المنيّ وأصلها الماء القليل وجمعها نطاف { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } وهي الدم العبيط الجامد وجمعها علق { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ } وهي لحمة قليلة قدر ما تمضغ { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ }.

قال ابن عباس وقتادة: تامّة الخلق وغير تامة.

وقال مجاهد: مصوّرة وغير مصوّرة يعني السقط.

قال عبد الله بن مسعود: إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله عزّ وجلّ مَلَكاً فقال: يا رب مخلّقة أو غير مخلقة؟ فإن قال: غير مخلّقة مجّتها الأرحام دماً وإن قال: مخلّقة قال: يا ربّ فما صفة هذه النطفة؟ أذكر أم أُنثى؟ ما رزقها؟ ما أجلها؟ أشقي أم سعيد؟ فيقال له: انطلق إلى أُمّ الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة، فينطلق الملك فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.

{ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ } كمال قدرتنا وحكمتنا في تصريفنا أطوار خلقكم.

{ وَنُقِرُّ } روي عن عاصم بفتح الراء على النسق، غيره: بالرفع على معنى ونحن نقرُ (في الأرحام) { مَا نَشَآءُ } فلا تمجّه ولا تسقطه { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } وقت خروجها من الرحم تامّ الخلق والمدّة { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ } من بطون أُمهاتكم { طِفْلاً } صغاراً ولم يقل أطفالاً لأنّ العرب تسمّي الجمع باسم الواحد.

قال الشاعر: إنّ العواذل ليس لي بأمير

ولم يقل أُمَراء.

وقال ابن جريج: تشبيهاً باسم المصدر مثل: عدل وزور، وقيل: تشبيهاً بالخصم والضيف.

{ ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ } كمال عقولكم ونهاية قواكم.

{ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ } قبل بلوغ الأشدّ { وَمِنكُمْ مَّن } يعمّر حتى { يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } وهو الهرم والخرف { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً }.

ثمَّ بيَّن دلالة أُخرى للبعث فقال تعالى { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً } يابسة دارسة الأثر من الزرع والنبات كهمود النار.

{ فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ } المطر { ٱهْتَزَّتْ } تحرّكت بالنبات { وَرَبَتْ } أي زادت وأضعفت النبات بمجيء الغيث، وقرأ أبو جعفر: ربأت بالهمز، ومثله في حم السجدة أي ارتفعت وعلت وانتفخت، من قول العرب: ربا الرجل إذا صعد مكاناً مشرفاً، ومنه قيل للطليعة رئبة.

السابقالتالي
2 3 4