{ مِنْهَا } أي من الأرض { خَلَقْنَاكُمْ } يعني أباكم آدم. وقال عطاء الخراساني: إن الملك ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذرّهُ على النطفة، فيخلق من التراب، ومن النطفة فذلك قوله سبحانه { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ }. { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } أي عند الموت والدفن، قال عليّ: «إن المؤمن إذا قبض الملك روحه انتهى به إلى السماء، وقال: يا ربِّ عبدك فلان قبضنا نفسه فيقول: ارجعوا فإنّي وعدتهُ: منها خلقناكم وفيها نعيدكم فإنّه يسمع خفق نعالهم إذا ولّوا مدبرين». { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } مرَّة أُخرى بعد الموت عند البعث. { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ } يعني فرعون { آيَاتِنَا كُلَّهَا } يعني اليد والعصا والآيات التسع { فَكَذَّبَ } بها وزعم أنّها سحر { وَأَبَىٰ } أن يُسلم { قَالَ } فرعون { أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا } يعني مصر { بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } فاضرب بيننا وبينك أجلاً وميقاتاً { لاَّ نُخْلِفُهُ } لا نجاوزه { نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } مستوياً. قرأ الحسن وعاصم والأعمش وحمزة سُوى بضم السين، الباقون: بكسر وهما لغتان مثل عُدي وعِدَي، وطُوى وطِوى. قال قتادة ومقاتل: مكاناً عدلاً بيننا وبينك، وقال ابن عباس: صفاً، وقال الكلبي: يعني سوى هذا المكان، وقال أبو عبيد والقيسي: وسطاً بين الفريقين، وقال موسى بن جابر الحنفي:
وإن أبانا كان حلّ ببلدة
سوىً بين قيس قيس عيلان والفزر
الفزر: سعد بن زيد مناة. { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } قال ابن عباس وسعيد بن جبير: يعني يوم عاشوراء. وقال مقاتل والكلبي: يوم عيد لهم في كل سنة يتزيّنون ويجتمعون فيه. وروى جعفر عن سعيد قال: يوم سوق لهم، وقيل: هو يوم النيروز. وقرأ الحسن وهبيرة عن حفص يومَ الزينة بنصب الميم أي في يوم، وقرأ الباقون بالرفع على الابتداء والخبر. { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } وقت الضحوة، يجتمعون نهاراً جهاراً ليكون أبلغ في الحجة وأبعد من الريبة. { فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ } حِيَلِه وَسَحَرَتَه { ثُمَّ أَتَىٰ } الميعاد. قال ابن عباس: كانوا اثنين وسبعون ساحراً مع كل واحد منهم حبل وعصا، وقيل: كانوا أربعمائة. { قَالَ } موسى للسحرة { لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم } قرأ أهل: الكوفة فيسُحِتكم بضم الياء وكسر الحاء، وقرأ الباقون بفتح الياء والحاء، وهما لغتان: سحتَ وأسحت. قال مقاتل والكلبي: فيهلككم، وقال قتادة: فيستأصلكم، وقال أبو صالح: يذبحكم، قال الفرزدق:
وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع
من المال إلاّ مسحت أو مجلف
{ فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } أي المناجاة تكون اسماً ومصدراً. { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ } قرأ عبد الله: واسرّوا النجوى إن هذان ساحران بفتح الألف وجزم نونه ساحران بغير لام، وقرأ ابن كثير وحفص إن بكسر الالف وجزم النون هذان بالألف على معنى ما هذان إلاّ ساحران، نظيره: قوله