{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } يعني القرآن. { قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا } يعني التوراة. { وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ } أي بما سواه وبعده. { وَهُوَ ٱلْحَقُّ } يعني القرآن. { مُصَدِّقاً } نصب على الحال. { لِّمَا مَعَهُمْ } قل لهم يا محمّد: { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ } ولمَ أصله ولما فحذفت الألف فرقاً بين الخبر والأستفهام كقولهم: فيم وبم ولم وممّ وعلام وحقام، وهذا جواب لقولهم: نؤمن بما أنُزل علينا. فقال الله عزّ وجلّ { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ }. { إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } بالتوراة وقد خنتم فيها من قتل الأنبياء { وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ } بالدلالات اللايحات - والعلامات الواضحات. { ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ } أي من بعد انطلاقه إلى الجبل { وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ }. { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ } أي استجيبوا واطيعوا سميت الطاعة سمعاً على المجاز لأنّه سبب الطّاعة والأجابة ومنه قولهم: سَمِع الله لمن حمده أي أجابه، وقال الشاعر:
دعوت الله حتّى خفتُ ألاّ
يكون الله يسمع ما أقول
أي يجب. { قَالُواْ سَمِعْنَا } قولك. { وَعَصَيْنَا } أمرك [أو سمعنا بالآذان وعصينا بالقلوب]. قال أهل المعاني: إنّهم لم يقولوا هذا بألسنتهم، ولكن لما سمعوا الأمر وتلقوه بالعصيان نُسب ذلك عنهم إلى القول أتساعاً، كقول الشاعر
ومنهل ذبّابة في عيطل
يقلن للرائد عشبت أنزل
{ وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ } أي حبّ العجل، كقوله تعالى{ وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82]، وقال النابغة:
فكيف يواصل من اصبحت
خلالة كأني مرحب
أي لخلاله أني مرحب، ومعناه أدخل في قلوبهم حبّ العجل، وخالطها ذلك كاشراب اللون لشدة الملازمة. { بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ } أن تعبدوا العجل من دون الله [فالله لا يأمر بعبادة العجل]. { إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } بزعمكم وذلك إنّهم قالوا: نؤمن بما أُنزل علينا، فكذبهم الله تعالى.