الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } * { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَٱلآنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّليْلِ وَلاَ تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ ءَايَٰتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } قال الحسن: إذا سمعت الله تعالى يقول: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فارع لها سمعك فانّها لأمر يؤمر به أو لنهي تُنهى عنه.

وقال جعفر الصّادق (رضي الله عنه): لذة " يا " في النداء أزال تعب العبادة والعناء.

{ كُتِبَ } فرض واجب.

{ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ } وهو مصدر قولك: صمتُ صياماً، كما تقول: قمت قياماً، وأصل الصوم والصيّام في اللغة: الأمساك، يُقال: صامت الرّيح إذا سكنت وأمسكت عن الهبوب، وصامت الخيل إذا وقعت وأمسكت عن السّير. قال النابغة:
خيلٌ صيام وخيلٌ غير صائمة   تحت العجاج وخيل تعلك اللجما
فقال: صام النّهار إذا اعتدل، وقام قائم الظهيرة؛ لأنّ الشمس إذا طلعت في كبد السّماء وقفت فأمسكت عن السير سريعة. قال امرؤ القيس:
فدع ذا وسلّ الهمّ عنك بحسرة   ذمول إذا صام النّهار وهجراً
وقال الرّاجز:
حتّى إذا صام النّهار واعتدل   وسال للشمس لعاب فنزل
ويُقال للرجل إذا صمت وأمسك عن الكلام: صام.

قال الله تعالى:إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً } [مريم: 26]: أي صمتاً.

فالصوم: هو الأمساك عن المعتاد من الطّعام والشّراب والجماع.

{ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } من الأنبياء والأمم وأولهم آدم عليه السلام، وهو ماروى عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي (رضي الله عنه) قال: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم عند انتصاف النّهار وهو في الحجر، فسلّمت عليه فرّد عليّ النبّي صلى الله عليه وسلم ثمَّ قال: «يا علي هذا جبرئيل يُقرئك السلام. فقلت: عليك وعليه السّلام يا رسول الله لِمَ؟

قال: أُدّن منّي، فدنوت منه فقال: ياعلي يقول لك جبرئيل: صم كل شهر ثلاثة أيام يُكتب لك بأول يوم عشرة الآف (سنة) وباليوم الثاني ثلاثين ألف (سنة) وباليوم الثالث مائة ألف (سنة).

فقلت: يارسول الله هذا ثواب لي خاصة أم للنّاس عامة؟ قال: يا علي يُعطيك الله هذا الثواب ولمن يعمل مثل عملك بعدك. قلت: يارسول الله وماهي؟

قال: أيام البيض: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر».

قال عنترة: قلت لعلي (رضي الله عنه): لأي شيء سُميت هذه الأيام البيض؟

قال: لما أهبط آدم عليه السلام من الجنّة إلى الأرض أحرقته الشمس. فاسوّد جسده ثمَّ صام اليوم الثالث. فأتاه جبرئيل فقال: يا آدم أتحب أن يبيض جسدك؟

قال: نعم، قال: فصم من الشهر ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر فصام آدم عليه السلام أول يوم فابيض ثلث جسده، ثمَّ صام اليوم الثاني فابيض ثلثا جسده، ثمَّ صام اليوم الثالث فابيض جسده كلّه " فسُميت أيام البيض.

قال المفسّرون: فرض الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين صوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر حين قدم المدينة فكانوا يصومونها إلى أن نزل صيام شهر رمضان قبل قتال بدر بشهر وأيام.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد