الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة وبني مدلج فبما حرّموا على أنفسهم من الحرث والأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام فقال: { كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ } دخل للتبعيض لانّه ليس كلّ ما في الأرض يمكن أكلّه أو يحلّ أكلّه { حَلاَلاً طَيِّباً } طاهراً وهما منصوبان على الحال.

وقيل: على المفعول تقديره: كلوا حلالاً طيّباً كما في الأرض.

{ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } قرأ شيبه ونافع وعاصم والأعمش وحمزة خطوات: بسكون الطّاء في جميع القرآن وهي أكثر الروايات عن أبي عمرو.

وقرأ أبو جعفر وأبو مجلن وأبو عمرو في بعض الروايات والزهري وابن عامر والكسائي: بضم الخاء والطّاء.

وقرأ علي وعمرو بن ميمون وسلام: بضم الخاء والطّاء وهمزة بعد الطّاء.

وقرأ أبو السّماك العدوي وعبيد بن عمير: خطوات بفتح الخاء والطاء فمن خفّف فإنّه أبقاه على الأصل، وطلب الخفّة لانّها جمع خطوة ساكنة الطاء، ومن ضم الطاء فيه أتبعها ضمة الخاء، وكل ما كان من الأسماء وزن فعله فجمع على التاء فإنّ الأغلب والأكثر في جمعه التثقيل وتحريك من الفعل بالحركة التي في فاء الفعل في الواحد مثل ظلمة وظلمات، وقربة وقربات، وحجرة وحجرات، وقد يخفف أيضاً.

ومن ضمّ الخاء والطاء مع الهمز.

فقال الأخفش: أراد ذهب بها مذهب الخطيئة فجعل ذلك على مثال خطه من الخطأ.

وقال ابو حاتم: أرادوا إشباع الضمّة في الواو فانقلبت همزة وهذا شائع في كلّ واو مضمومة ومن نصب الخاء والطّاء فانّه أراد جمع خطوة مثل تمرة وتمرات واختلفوا في معنى قوله { خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } فروى علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس: خطوات الشيطان: عمله.

مجاهد وقتادة والضّحاك: خطاياه.

السّدي والكلبي: طاعته.

عطاء عن ابن عبّاس: زلاته وشهواته.

أبو مجلن: هي البذور في المعاصي.

المورّج: آثاره.

أبو عبيد: هي المحقّرات من الذنوب.

القتيبي والزجاج: طرقه.

والخطوة ما بين القدمين، والخطوة بالفتح الفعلة الواحدة من قول القائل: خطوت خطوة واحدة.

{ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } بيّن العداوة، وقيل: مظهر العداوة، قد أبان عداوته لكم بإبائه السّجود لأبيكم آدم عليه السلام وغروره إياه حين أخرجه من الجنّة، وأبان: يكون لازماً ومتعدياً، ثمّ بيّن عداوته فقال { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ }: يعني الأثمّ، وأصل السّوء كل ما يسوء صاحبه، وهو مصدر: ساءه يسوءه سوءاً ومساءة إذا حزنه وسوءه شيء أي حزنته فحزن. قال الله تعالىفَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [الملك: 27]. قال الشاعر:
إنّ يك هذا الدّهر قد ساءني   فطالما قد سرّني الدّهر
الأمر عندي فيهما واحد   لذلك صبرُ ولذا شكرُ
{ وَٱلْفَحْشَآءِ } يعني المعاصي، وما قبح من القول والفعل وهو مصدر كالبأساء والضّراء واللاواء، ويجوز أن يكون نعتاً لا فعل لهُ كالعذراء والحسناء، وقال متمم بن نويرة:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9