الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } * { قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } * { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ صِبْغَةَ ٱللَّهِ } قال أبو العالية: دين الله.

مجاهد: الإسلام.

ابن عبّاس: هي إنّ النّصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد، وأتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماء لهم يُقال له: المعبودي وصبغوه به؛ ليطهّروه بذلك مكان الختان، وإذا فعلوا ذلك به قالوا: الآن صار نصرانياً حقاً. فأخبر الله تعالى: إنّ دينه الإسلام لا ما يفعل النصارى.

ابن كيسان: صبغة الله: وجهة الله يعني القبلة. قال: ويُقال: حُجة الله التي احتج بها على عباده.

أبو عبيدة والزجاج: خلقة الله من صبغت الثوب إذا غيّرت لونه وخلّقته. فيكون المعنى: إنّ الله أبتدأ الخلقة على الإسلام، دليلهُ قول مقاتل في هذه الآيةفِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } [الروم: 30]. أي دين الله.

ويوضحه ما روى همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مولود إلاّ وهو على هذه الفطرة. فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه، كما تولد البهيمة (بهيمة جمعاء) فهل تجدون فيها من جدعاً حتّى تكون الأم تجدعونها ". قالوا: يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟

قال: " الله أعلم بما كانوا عاملين ".

أبو عبيدة: سنّة الله، وقيل: هو الختان لأنّه يصبغ صاحبه بالدم، وفي الخبر: الختان سنّة للرجال مكرمة للنساء، وهي نصب على الاغراء تقديره: اتبعوا وألزموا صبغة الله.

وقال الأخفش: هي بدل من قوله { مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ }.

{ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً } ديناً.

{ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } مطيعون.

{ قُلْ } يا محمّد لليهود والنصارى: { أَتُحَآجُّونَنَا } أتجادلوننا وتخاصمونا، وقرأ الأعمش.

والحسن وابن محيصن: بنون واحدة مشدّدة.

وقرأ الباقون: بنونين خفيفتين إتباعاً للخط.

{ فِي اللَّهِ } في دين الله وذلك بأن قالوا: يا محمّد إنّ الأنبياء كانوا منّا وعلى ديننا.

{ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } مقاتل والكلبي: لنّا ديننا ولكم دينكم.

{ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } موحدون، وهذه الآية منسوخة بآية السّيف.

فصل في معنى الإخلاص

سُئل الحسن عن الاخلاص ما هو؟

فقال: سألت حُذيفة عن الإخلاص ما هو؟

فقال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإخلاص ما هو؟

قال: " سألت ربّ العزة عن الإخلاص ما هو؟ " قال: " سرٌ من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادي " ".

وعن أبي أدريس الخولائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّ لكلّ حق حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من عمل الله ".

وقال سعيد بن جبير: الاخلاص أن يخلص العبد دينه وعمله لله ولا يشرك به في دينه ولا يرائي بعمله أحداً.

السابقالتالي
2