الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

{ وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ } قال ابن عبّاس: نزلت في رؤوس يهود أهل المدينة كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهودا وأبي ياسر بن أخطب وفي نصارى أهل نجران: السيّد والعاقب وأصحابهما وذلك إنّهم خاصموا المسلمين في الدين كلّ فرقة تزعم إنّها أحقّ بدين الله من غيرها فقالت اليهود ديننا خير الأديان ونبيّناً موسى أفضل الأنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب وكفرت بعيسى والأنجيل ومحمّد والقرآن.

وقالت النصارى: نبينّا عيسى أفضل الأنبياء وكتابنا الأنجيل أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بمحمّد والقرآن، وقال كل واحد من الفريقين للمؤمنين كونوا على ديننا فلا دين إلاّ ذلك دعوهم إلى دينهم إلا الحنيفية. فقال الله تعالى: قل يا محمّد { بَلْ مِلَّةَ } أي بل نتبع ملّة { إِبْرَاهِيمَ } وقرأ الأعرج: (بل ملّ)ة رفعاً على الخبر.

{ حَنِيفاً } نصب على القطع. أراد بل ملّة إبراهيم الحنيف فلمّا اُسقطت الألف واللام لم تتبع النكرة المعرفة. فانقطع منه فنصب قاله نُحاة الكوفة، وقال أهل البصرة: نصب على الحال قال ابن عبّاس: الحنيف: المائل عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، وأصلها من الحنف وهو ميل وعوج في القدم ومنه سُمّي أحنف بن قيس.

مقاتل: مُخلصاً.

كثير بن زياد قال: سألت الحسن عن الحنيفية فقال: هي حج هذا البيت.

الضحاك: إذا كان مع الحنيف المسلم فهو الحاج، وإذا لم يكن فهو المسلم.

قتادة: من الحنيفية الختان، وترك نكاح الأخت.

{ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } علم المسلمين مجرى التوحيد وطريق الأيمان. فقال { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا } يعني القرآن { وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } وهو عشر صحف.

{ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ } يعني أولاد يعقوب واحدهم سبط. سمّوا بذلك لأنه ولد لكل واحد منهم جماعة من النّاس وسبط الرّجل حافده، ومنه قيل للحسن والحسين (عليهما السلام) سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب، والشعوب من العجم.

وعن أبي سعيد الضرير: إنّ أصل السّبط في اللغة شجرة ملتفة كثيرة الأغصان فُسمّي الأسباط بها لكثرتهم. فكما إنّ الأغصان من شجرة واحدة كذلك الأسباط كانوا من يعقوب، وكان في الأسباط أنبياء، وكذلك قالوَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ } [آل عمران: 199] [المائدة: 66] وقيل: هم بنو يعقوب من صلبه صاروا كلّهم أنبياء.

{ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } يعني التوراة.

{ وَعِيسَىٰ } الانجيل. { وَمَا أُوتِيَ } أُعطي.

{ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى.

{ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } فلمّا نزلت هذه الآية قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود والنصارى وقال: " إنّ الله أمرني بهذا "

السابقالتالي
2