الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } * { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } * { يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني اليهود قاله ابن عبّاس.

مجاهد: هم النّصارى. قتادة: هم مشركو العرب. { لَوْلاَ } هلاّ { يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ } عياناً بأنك رسوله.

{ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ } دلالة وعلامة على صدقك.

قال الله تعالى: { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي كفّار الأمم الخالية { مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } أشبه بعضها بعضاً في الكفر والفرقة والقسوة.

{ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } يا محمّد { بِٱلْحَقِّ } بالصدق من قولهم فلان محقّ في دعواه إذا كان صادقاً دليله قوله تعالىوَيَسْتَنْبِئُونَكَ } [يونس: 53] أحقٌّ هو؟ أي صدق. مقاتل: معناه لن نرسلك عبثاً بغير شيء بل أرسلناك بالحق، دليله قوله تعالى:مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [الأحقاف: 3] وهو ضد الباطل.

ابن عبّاس: بالقرآن دليله قوله تعالى:بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ } [ق: 5].

ابن كيسان: بالاسلام دليله قوله عزّ وجلّ:وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } [الإسراء: 81] { بَشِيراً } مبشراً لأوليائي وأهل طاعتي بالثواب الكريم.

{ وَنَذِيراً } منذراً مخوفاً لأعدائي وأهل معصيتي بالعذاب الأليم.

{ وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ } عطاء وإبن عبّاس: وذلك إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: " ليت شعري ما فعل أبواي " فنزلت هذه الآية.

وقال مقاتل: هو إنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو أنزل الله بأسه باليهود لأمنوا " فأنزل الله تعالى: { وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ } وفيه قراءتان: بالجزم على النهي وهي قراءة نافع وشيبة والأعرج ويعقوب ووجهها القول الأول في سبب نزول الآية.

وقرأ الباقون: بالرفع على النفي يعني: ولست بمسؤول عنهم دليلها قراءة ابن مسعود: ولن تسأل وقراءة أُبي: وما نسألك عن أصحاب الجحيم ولا تؤخذ بذنبهم والجحيم وهو الجحم والجحمة: معظم النّار.

{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } وذلك إنّهم كانوا يسألون النبيّ صلى الله عليه وسلم الهدنة ويطمّعونه ويرون إنّه إن هادنهم إتّبعوه ووافقوه فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال ابن عبّاس: هذا في القبلة وذلك إنّ يهود أهل المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلّي النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم فلمّا صرف الله القبلة إلى الكعبة شقّ ذلك عليهم وأيسوا منه أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله: { وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ } دينهم وقبلتهم، وزعم الزجّاج: إنّ الملّة مأخوذة من التأثير في الشيء كما تؤثر الملّة في الموضع الّذي يختبز فيه.

{ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } البيان بأنّ دين الله هو الإسلام وقبلة إبراهيم عليه السلام هي الكعبة.

{ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } قال ابن عباس: نزلت في أهل السفينة الّذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) وكانوا أربعين رجلاً وإثنا وثلاثون من الحبشة وثمانية من رهبان الشّام منهم بحيرا.

السابقالتالي
2