{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ } يا معشر الكفّار عند نزول العذاب. { مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } قريب وصديق. { وَلاَ نَصِيرٍ } ناصر يمنعكم من العذاب. { أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } الآية. قال ابن عبّاس: نزلت في عبد الله بن أُميّة المخزومي ورهط من قريش قالوا: يا محمّد أجعل لنا الصّفا ذهباً ووسّع لنّا أرض مكّة، وفجر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك. فأنزل الله عزّ وجلّ { أَمْ تُرِيدُونَ } يعني أتريدون والميم صلة لأنّ أم إذا كان بمعنى العطف لا تكون أبتداء ولا تأتي إلاّ مردودة على استفهام قبلها، وقيل معناه: بل يريدون كقول الشّاعر:
بدت مثل قرن الشّمس في رونق الضحّى
وصورتها أم أنت في العين أملح
أي بل أنت. { أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } محمّداً. { كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } سأله قومه فقالوا: أرنا الله جهرة، وقال مجاهد: لمّا قالت قريش هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نعم وهو كالمائدة لبني إسرائيل إن لم تؤمنوا عُذّبتم " فأبوا ورجعوا، والصّحيح أن شاء الله إنها نزلت في اليهود حين قالوا: يا محمّد أئتنا بكتاب من السّماء تحملهُ، كما أتى موسى بالتوراة، لأنّ هذه السّورة مدنية، وتصديق هذا القول قوله تعالى:{ يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ } [النساء: 153] في سُئل ثلاث قراءات: بالهمز: وهي قراءة العامّة، و(سُئل) بتليين الهمزة وهي قراءة أبي جعفر و(سُئل) مثل (قيل) وهي قراءة الحسن. { وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أخطأ وسط الطريق. { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } الآية نزلت في نفر من اليهود منهم: فنحاص بن عازورا وزيد ابن قيس؛ وذلك إنّهم قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أُحد: ألم تريا ما أصابكم ولو كنتم على الحقّ ماهزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلاً. فقالوا لهم: كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا: شديد. قال: فإني قد عاهدتُ ألاّ أكفر بمحمّد صلى الله عليه وسلم ما عشتُ. فقالت اليهود: أمّا هذا فقد صبر، وقال حُذيفة: وأمّا أنا فقد رضيت بالله ربّاً وبمحمّد نبيّاً وبالإسلام ديناً، وبالقرآن إماماً وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين أخواناً. ثمَّ أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بذلك فقال: " أصبتما الخير وأفلحتما " فأنزل الله تعالى { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } أي تمنى وأراد كثير من اليهود. { لَوْ يَرُدُّونَكُم } يا معشر المؤمنين. { مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً } في انتصابه وجهان قيل: بالردّ وقيل: بالحال. { حَسَداً } وفي نصبه أيضاً وجهان: قيل على المصدر أي يحسدونكم حسداً، وقيل: بنزع حرف الصلة تقديره للحسد.