الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ كۤهيعۤصۤ } * { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } * { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً } * { قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً } * { وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } * { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } * { يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } * { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً } * { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } * { قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } * { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً } * { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً } * { وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً } * { وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً }

قوله عزّ وجلّ { كۤهيعۤصۤ } قرأ أبو عمرو بكسر الهاء وفتح الياء، ضدّه شامي وحمزة وخلف، بكسرهما، والكسائي، بفتحهما، ابن كثير وعاصم ويعقوب، واختلفوا في معناها.

فقال ابن عباس: هو اسم من أسماء الله عزّ وجلّ، وقيل: إنّه اسم الله الأعظم، وقال قتادة: هو اسم من اسماء القرآن، وقيل: هو اسم السورة، وقال عليّ بن أبي طالب وابن عباس: هو قَسم أقسم الله تعالى به، وقال الكلبي: هو ثناء أثنى الله عزّ وجلّ به [على] نفسه.

أخبرنا عبد الله بن حامد عن حامدُ بن محمد، قال أبو عبد الله محمد بن زياد القوقسي، قال أبو عمّار عن جرير، عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فى قوله عزّ وجلّ { كۤهيعۤصۤ } قال: الكاف من كريم، والهاء من هاد، والياء من رحيم والعين من عليم وعظيم، والصاد من صادق، وقال الكلبي أيضاً: معناه: كاف لخلقه، هاد لعباده، يده فوق أيديهم، عالم ببريته، صادق في وعده { ذِكْرُ } رُفِع بكهيعص وإن شئت قلت: هذا ذكر { رَحمة رَبّكَ عَبْدَهُ زَكريا } ، وفيه تقديم وتأخير، معناه ذكر ربك عبده زكريا برحمته وزكريا في موضع نصب.

وقرأ بعضهم عبده زكريّا بالرفع على أنّ الفعل له { إِذْ نَادَىٰ } دعا { رَبّهُ } فى محرابه حيث يقرب القربان { نداءً خفيّاً } دعاء سرّاً من قومه فى جوف الليل، مخلصاً فيه لم يطلع عليه أحد إّلا الله عزّ وجلّ قال { رَبِّ إِنَّي وَهَنَ } ضعف { ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً } شمطاً، يقول: شخت وضعفت، ومن الموت قربت { ولم أكن بدعائك ربِّ شقياً } يقول: يا رب عوّدتني الإجابة فيما كنت تجيبني إذا دعوتك ولا تخيّبني.

قوله { وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآئِي } قرأ عثمان ويحيى بن يعمر، (خفت) بفتح الخاء والفاء وكسر التاء مشدّدا الموالي بسكون الياء بمعنى ذهب الموالي وقلّت، الباقون: (خفت) بكسر الخاء وضم التاء من الخوف، الموالي نصباً، خاف أن يرثه غير الولد، وقيل: خاف عليهم تبديل دين الله عزّ وجلّ وتغيير أحكامه وأن لا يحسنوا الخلافة له على أُمّته، فسأل ربّه ولداً صالحاً يأمنه على أُمّته، والموالي بنو العمّ وقيل: الاولي والولي والمولى في كلام العرب واحد، وقال مجاهد: العصبة، وقال أبو صالح: الكلالة، وقال الكلبي: الورثة من ورائي من بعد موتي { وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً } لا تلد { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ } أعطني من عندك { وَلِيّاً } ابناً { يَرِثُنِي وَيَرِثُ } وقرأ يحيى بن يعمر ويحيى بن وثاب والأعمش وأبو عمرو والكسائي بالجزم فيهما على جواب الدّعاء، وقرأ الباقون بالرفع على الحال والصفة، أي وليّاً وارثاً، وقرأ ابن عبّاس ويحيى بن يعمر: يرثني، وأرث { مِنْ آلِ يَعْقُوَب } النبّوة، يعني يرث النبوّة والعلم، وقال الحسن: معناه يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوّة والحبورة، وقال الكلبي: هو يعقوب بن ماثان اخو زكريا وليس يعقوب أب يوسف { وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً } أي صالحاً براً تقياً مرضيّاً، وقال أبو صالح: معناه: اجعله نبياً كما جعلت أباه نبيّاً.

السابقالتالي
2 3