الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً } * { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً } * { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } * { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } * { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } * { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } * { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } * { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } * { قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً } * { قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } * { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } * { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } * { أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } * { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً } * { فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } * { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً }

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ } الآية قال ابن عباس: لما ظهر موسى (عليه السلام) وقومه على مصر أنزل قومه مصر، فلّما استقرت بهم الدار أنزل الله عزّ وجلّ:وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } [إبراهيم: 5] فخطب قومه وذكر بما آتاهم الله عزّ وجلّ من الخير والنّعمة؛ إذ نجّاهم من آل فرعون وأهلك عدوّهم واستخلفهم في الأرض، فقال: " وكلّم الله نبيكم تكليماً، واصطفاني لنفسه، وألقى عليّ محبّة منه، وآتاكم من كل ما سألتموه، ونبيّكم أفضل أهل الأرض، وأنتم تقرؤون التوراة ". فلم يترك نعمة أنعمها الله عزّ وجلّ عليهم إلاّ ذكرها وعرّفها إيّاهم، فقال له رجل من بني إسرائيل: قد عرفنا الذي تقول، فهل على وجه الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله؟ قال: " لا ". فعتب الله عزّ وجلّ عليه حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبرئيل، فقال: " يا موسى وما يدريك أين أضع علمي؟ بل إن لي عبداً بمجمع البحرين أعلم منك ". فسأل موسى ربّه أن يريه إيّاه، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن: " ايت البحر فإنك تجد على شط البحر حوتاً، فخذه فادفعه إلى فتاك، ثمّ الزم شط البحر إذا نسيت الحوت وهلك منك فثمّ تجد العبد الصالح ".

وقال ابن عباس في رواية أُخرى: سأل موسى ربّه فقال: " ربّ أي عبادك أحبّ إليك؟ ". قال: " الذي يذكرني فلا ينساني ". قال: " فأي عبادك أقضى؟ ". قال: " الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى ". قال: " ربّي فأي عبادك أعلم؟ ". قال: " الذي يبغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تدلّه على هدًى أو ترده عن ردًى ". قال: " إن كان في عبادك أحد هو أعلم منّي فادللني عليه ". فقال له: " نعم، في عبادي من هو أعلم منك ". قال: " من هو؟ ". قال: " الخضر ". قال: " وأين أطلبه؟ ". قال: " على الساحل عند الصخرة ". وجعل الحوت له آية، وقال: " إذا حيّ هذا الحوت، وعاش، فإن صاحبك هناك ".

وكانا قد تزودا سمكاً مالحاً فذلك قوله عزّ وجلّ: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ } بن عمران { لِفَتَاهُ }: صاحبه يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف. وقيل: فتاه أخو يوشع، كان معه في سفره. وقيل: فتاه عبده ومملوكه: { لاۤ أَبْرَحُ }: لا أزال أسير { حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ } ، قال قتادة: بحر فارس والروم مما يلي المشرق. وقال محمد بن كعب: طنجة. وقال أُبّي بن كعب: أفريقية، { أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً } وجمعه أحقاب: دهراً أو زماناً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9